حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

الرئيس الأسد في حوار مع صحيفة الثورة: سورية مازالت وطناً يتسع للجميع وإلا لما صمدنا في وجه الفتنة. الثورة الحقيقية هي ثورة داخلية صرفة ولا علاقة لها بالخارج

دمشق

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الوطن هو انتماء والانتماء يعني ثقافة وكلاهما يشكل الهوية.. وعندما يكون انتماؤنا واحدا يكون وطننا واحدا وعندها يتسع للجميع.

 

وأوضح الرئيس الأسد في حوار مع صحيفة الثورة أن الشروخ داخل مجتمعاتنا والتي نرى نتائجها الآن بدأت مع نشأة الاخوان المسلمين وتعززت بعد الاستقلال من خلال الدور السيىء الذي لعبوه في عدد من الدول العربية ومنها سورية.

 

وأكد الرئيس الأسد ان تجربة حكم الاخوان فاشلة قبل ان تبدأ لان هذا النوع من الحكم لا يتوافق مع طبيعة الناس وان مشروع الاخوان مشروع منافق يهدف الى خلق فتنة في العالم العربي.

 

وفي سياق آخر أشار الرئيس الأسد إلى أن أي ثورة حقيقية هي ثورة داخلية صرفة لا علاقة لها بالخارج والثورات الحقيقية هي ثورات شعبية لها عوامل داخلية بحتة فيها جانب عفوي وتتزعمها نخب فكرية وايديولوجية بينما ما حصل في سورية ومنذ البداية كان العامل الخارجي واضحا فيه وهذا ما حاولوا اخفاءه واصبح اليوم واضحا بشكل مطلق.

 

وفيما يلي النص الكامل لحوار الرئيس الأسد مع صحيفة الثورة..

 

السؤال الأول..

 

بما أننا في أزمة ففي الأزمات عادة ..وتحديداً في هذه الأزمة.. تتردد عبارة الوطن يتسع للجميع لكن سورية لم تتسع لجميع أبنائها.. ما الذي حصل حتى وصلنا إلى هذه النتيجة...

 

السيد الرئيس..

 

بداية أريد أن أرحب بكم في مكتبي.. وأنا سعيد بأن يكون هذا اللقاء بمناسبة الذكرى الخمسين لانطلاق جريدة الثورة.. وهذه المناسبة غالية على كل سوري وطني بغض النظر عن انتماءاته الحزبية.. فأهلا وسهلاً بكم..

 

نحن أحياناً ننظر للوطن كأنه تواجد لمجموعة أشخاص في بقعة جغرافية أو أرض كاملة متكاملة.. بينما الوطن حقيقة هو انتماء. والانتماء يعني ثقافة وبالتالي الانتماء والثقافة كلاهما يشكل الهوية..عندما يكون انتماؤنا واحدا يكون وطننا واحدا وعندها يتسع للجميع.. وسأوضح لك ماذا يعني ذلك.. عندما خرج الاستعمار من سورية لم يخرج ليتركنا نتحرر.. بل خرج ليستعمرنا بطريقة اخرى والطريقة الاخرى بحاجة لوسائل اخرى وجديدة ومختلفة. احدى أهم هذه الوسائل هي خلق الفتنة للوصول إلى التقسيم والتجزئة.

 

التجزئة ليست حدوداً برية يرسمها الاستعمار وفقط. فهذا ليس هو الأساس.. التجزئة الحقيقية والأخطر هي تجزئة الهوية.. فعندما نكون جميعاً على أرض واحدة لكن هوياتنا مختلفة.. هذا يعني أن هناك أوطاناً مجزأة داخل ما نظنه وطناً واحداً.. لأن كل مجموعة ثقافية ستنعزل عن الآخرين ويصبح لها وطنها الخاص.. عندما يحصل ذلك تقول إن الوطن لا يتسع للجميع. بهذا المفهوم يمكن لك القول إن الاستعمار نجح إلى حد ما في خلق مجموعات منعزلة إقصائية ترفض الآخرين وتعتبر أن فكرها وانتماءها هو الصحيح وبالتالي هو الوطن.. وكل انتماء آخر لا يجوز.

 

هذا النجاح لم يحصل في ليلة وضحاها بل كان على مراحل عدة.. ونعتقد أن أولى تلك المراحل عندما سقطت الدولة الأموية.. ذلك لأنه في حينها تم اللعب على الهويات وخلق شروخ داخل مجتمعاتنا مع نسف لكل مشترك فسقطت الدولة الأموية وبعدها العباسية في التاريخ القديم وسقطت بعدها فلسطين في التاريخ الحديث.

 

أعتقد أن هذه الشروخ التي نرى نتائجها الآن في تاريخنا المعاصر بدأت مع نشأة الإخوان المسلمين.. وتعززت بعد الاستقلال من خلال الدور السيئء الذي لعبوه في عدد من الدول العربية ومنها سورية. فخلقوا أول شرخ أساسي بين العروبة والإسلام.. وحاولوا خلق وطنين.. وطن للإسلاميين ووطن للقوميين.

 

استمرت محاولات الفكر الاستعماري عبر مراحل مختلفة منها الحرب على لبنان والتي كانت تهدف الى خلق وطن للمسلمين وآخر للمسيحيين.. وبدأت تنكشف بعدها نتائج ما يقوم به الإخوان المسلمون على الأرض.. وأهم وأخطر تلك النتائج كان وجود القاعدة الذي لم يبخل الغرب عليها بالدعم.. على خلفية الثورة الإسلامية في إيران.. ثورة أتت كي تدعم القضية الفلسطينية التي هي جوهر الهوية بالنسبة للعرب.. فتحركوا ليخلقوا الفتنة هذه المرة بين السنة والشيعة وليضربوا العلاقة بين العرب والفرس.. أخيرا جاءت أحداث 11 أيلول ومع غزو أفغانستان والعراق تكرست هذه الشروخ بين التكفيريين وكل الطوائف الإسلامية.

 

بمعنى.. كلما ازدادت الفتنة داخل الوطن الواحد ولو جزئياً يضيق الوطن ولا يتسع للجميع.. بالمقابل سورية مازالت وطناً يتسع للجميع وإلا لما صمدنا في وجه الفتنة التي أرادوا لها أن تطل برأسها في بعض المناطق كبؤر مطوقة... لقد تمكنا من الصمود لأن هناك وعياً شعبياً في سورية تمكن حتى الآن من درء النجاح الكامل لهذه الفتنة.

 

إذاً سورية وطن يتسع لجميع أبنائه.. ذلك لا يعني أننا يجب ألا نقلق من هذه البؤر لأنها إذا استمرت دون حصارها ستتوسع ويأتي يوم تكون سورية وطناً لا يتسع للجميع.

 

أي ثورة حقيقية هي ثورة داخلية صرفة ولا علاقة لها بالخارج من قريب ولا من بعيد

 

السؤال الثاني..

 

سيادة الرئيس.. نحن اليوم في الذكرى الخمسين لإصدار العدد الأول من جريدة الثورة.. منذ البداية قلتم ان ما يجري في سورية ليس ثورة.. بالتأكيد أنا أجزم بأنكم اعتمدتم على قاعدة فكرية لما قلتموه واسمح لي سيادة الرئيس أن أستعير هنا ما قاله الوزير الروسي سيرغي لافروف في لقائه مع أول وفد سوري معارض ذهب إلى موسكو وقدموا أنفسهم على أنهم ثوار.. قال لهم بالحرف إذا كنتم ثورة وثوار فما حاجتكم إلى الخارج.. هناك مقولة تاريخية بأن لا نظام في العالم يصمد أمام ثورة شعب.. أنا شخصياً أجزم بأن هذا الكلام صحيح.. أنتم سيادة الرئيس لماذا قلتم انها ليست ثورة منذ البداية...

 

السيد الرئيس..

 

أولاً.. من منطلق أي سياق تاريخي موجود في العالم.. فإن أي ثورة حقيقية هي ثورة داخلية صرفة ولا علاقة لها بالخارج من قريب ولا من بعيد. خذ أمثلة كثيرة على ذلك.. الثورة الروسية والفرنسية وحتى الايرانية. إن الثورات الحقيقية هي ثورات شعبية لها عوامل داخلية بحتة.. فيها جانب عفوي.. وتتزعمها نخب فكرية وايديولوجية.. وتفاصيل اخرى.. بينما ما حصل في سورية ومنذ البداية كان العامل الخارجي واضحاً فيه.. وهذا ما حاولوا إخفاءه وأصبح اليوم واضحاً بشكل مطلق.. وها نحن نسمع تصريحات من الخارج حول ما الذي يجب أو لا يجب فعله في سورية من حلول أوغيرها..

 

ثانياً.. إن الثورة التي تتحدث عنها والتي تعبر صحيفتكم عنها بشكلها الحقيقي وأنا أتحدث هنا عن ثورة /1963/ هي ثورة سورية أتت لتعزز الوطن والمجتمع والانسان.. أتت لتنشر العلم والمعرفة عبر بناء الآلاف من المدارس.. والنور عبر بنائها لخطوط وشبكات الكهرباء في الريف قبل المدينة. ولتعزز الوضع الاقتصادي في سورية عبر خلق فرص عمل للجميع كل حسب كفاءته.. قامت ثورة آذار لتدعم الشعب بشرائحه الأوسع.. فلاحين وعمالا وحرفيين. أتت هذه الثورة لتبني جيشاً عقائدياً خاض أشرس المعارك وصمد في أصعب  الظروف وانتصر في 1973 وهذا ما نراه حتى اليوم منذ 50 عاما مضت.. قد يكون هذا الظرف هو الأصعب وهاهو الجيش يثبت أن بناءه على أسس ثورية وقيم فكرية هو ما حصنه مع الشعب للخوض فيما يجري في سورية اليوم.. الثورة أتت من أجل أن يبنى الانسان والوطن لا من أجل تدميرهما. فكيف لنا أن نقارن هذه بتلك وكيف يمكن أن نسمي ما تمر به سورية اليوم ثورة.. هذا المفهوم الذي أرادوا لنا أن نصدقه قد سقط منذ البداية.

 

مداخلة.. لكن سيادة الرئيس ألا تعتقدون أن هناك في الداخل من صدقوا فكرة الثورة وساهموا واحتضنوا ما جرى في سورية في البدايات حتى وإن صورها البعض بؤراً صغيرة داخلية لكنها كانت موجودة...

 

تماماً.. وهنا نعود لموضوع الهوية.. من تتحدث عنهم نوعان.. نوع انسلخ عن هويته تماماً وذهب باتجاه الحلم الغربي فهو مبهور بالغرب بكل ما فيه حتى مساوئه.. ونوع آخر.. انسلخ عن هويته باتجاه مناقض تماماً ونحى باتجاه التطرف الديني.. وهو الأخطر.

 

كلاهما تطرف.. نعم هناك الكثير من الاشياء التي يجب أن نستفيد منها من حضارة الغرب وتقدمه وهذا شيء بديهي.. لكن أن ننبهر بالغرب وننسلخ عن هويتنا هذا تطرف أيضاً من نوع آخر.

 

إن الهوية الأصلية العربية هي هوية معتدلة في كل شيء اجتماعياً وثقافياً وسياسياً ودينياً.. لأنها تمثل تمازج حضارات عبر آلاف السنين فمن البديهي أن تكون معتدلة.. عندما يحاول الخارج أن يمزق هذه الهوية بأحد الاتجاهين السابقين المتناقضين هو ما يخلق هذه البؤر التي تتحدث عنها. وهذا ما أخشاه دائماً.. التطرف الديني كالتطرف بالالتحاق بالغرب كلاهما مدمر للهوية وهذا التدمير هو الذي أدى إلى اضطرابات كالتي نراها في سورية وحتى في دول أخرى.. فالمشكلة ليست في سورية فقط.. ربما كان العامل الخارجي في سورية هو الأقوى من باقي الدول.. لكن العامل الذي تتحدث عنه موجود في المنطقة بشكل عام وأضف إليه في سورية العامل الخارجي.

 

كل شيء في العالم يتبدل لكن هناك ثوابت إنسانية ومبدئية

 

السؤال الثالث..

 

لكن سيادة الرئيس.. ألم تتغير وتتبدل وربما تتطور مفاهيم وأشكال الثورات عما سبق في التاريخ. أو مقارنة بثورات فرنسا أو روسيا وبالتالي اعتبار ما يجري الآن في سورية هو ثورة لكن بمفاهيم مختلفة أو متبدلة.. فليس شرطاً أن تتبع الثورات عبر التاريخ نفس الطريقة والمنهج والأسلوب...

 

السيد الرئيس..

 

كل شيء في العالم يتبدل لكن هناك ثوابت إنسانية ومبدئية.

 

المبادئ لا تتبدل.. لذلك الأديان لا تتبدل.. مع أنها تتعامل مع المتغيرات.. ما يتبدل هو الآليات والتفاصيل لكن الجوهر والمبدأ لا يتغيران.. وسأذهب معك إلى نهاية الفكرة.. فلو وقعنا في فخ تسمية أن ما يجري في سورية هو ثورة.. وبأنه حتى الأسس والمبادئء تتبدل.. علينا إذاً أن نقبل أن أفعال اسرائيل ضد الفلسطينيين هي ثورة اسرائيلية على الظلم الفلسطيني.. أو أن نقبل أن أمريكا قامت بثورة على أفغانستان والعراق.. ولم تقم باحتلال أو غزو.. ألم يرجعوا لمثل تلك الأفكار في إعلامهم قبل غزو العراق... وعليه.. أن نقبل.. كما يسمونه وكما تقول.. بقراءة معاصرة للأمور وبأن الأمور تتبدل لا يعني أن ننسف المفاهيم من جذورها. الغرب وإعلامه يحاولون جاهدين أن يوقعونا في الفخ الذي يسعى دائماً لقلب الحقائق.. أنا أقول إن الأمور قلبت جذرياً نعم.. وقلب الحق باطلاً والباطل حقاً وساهم في ذلك بعض الممارسات السياسية التي دعمت بغطاء إعلامي لشرعنتها شعبياً.. كل ذلك ممكن أن يكون قد حصل لكن لا يعني بالمطلق أن ننقلب معهم ومع إعلامهم.

 

السؤال الرابع..

 

ومع ذلك.. سيدي الرئيس.. أحياناً في الخارج هناك من اعتبرها ثورة. ومازال يردد انها ثورة. وأيضاً جزء من الداخل في سورية أيضاً اعتبرها ثورة. إشكالية حقيقية حتى هذه اللحظة تحتاج إلى بعض التفاصيل.

 

السيد الرئيس..

 

تصحيحاً لسؤالك حتى الاعلام الغربي المعادي مع تصريحات بعض الغربيين المعادين لسورية لم يتمكنوا من تجاوز حقيقة أنها لم تكن ثورة. لم يعودوا يذكرون كلمة ثورة.. يتحدثون الآن عن الارهاب. هم انتقلوا إلى مرحلة أخرى. التمييز بين إرهابي جيد وإرهابي سيئء بنفس الطريقة الأمريكية.. لكن كلمة ثورة لم تعد مذكورة.. فمن البديهي أن يكون معظم السوريين في الداخل والخارج قد تمكنوا من رؤية هذا الشيء. وهذا نرى نتائجه في سورية.. ولكن دائماً هناك مجموعات من الناس لا يمكن أن تراه لأسباب مختلفة. البعض من هؤلاء ربما يحمل نفس فكر هؤلاء الإرهابيين.. الفكر التكفيري المتطرف.. فهذا من الطبيعي أن يعتقد أن ما يحصل هو ثورة لأنه يحمل نفس الأفكار والإيديولوجيا. وهناك البعض ممن أصابه العمى العقلي.. فهو وإن رأى بعينه فهو لا يرى بعقله. هؤلاء لا فائدة منهم.. لكن هذه المجموعات هي مجموعات محدودة الآن. في كل الأحوال.. لا يهمنا أن نركز كثيرا على الخارج.. فكل ما يحصل في سورية مرتبط بمن يعيش في الداخل الآن. من يعيش في الداخل هو العامل الذي يؤثر مباشرة فيما يحصل في سورية. الشعب السوري الآن هو الذي يخوض المعركة.. وهو الذي يحقق الصمود.

 

الجهاد هو جهاد من أجل الخير وما يحصل الآن هو تحويل سورية إلى أرض للإرهاب

 

السؤال الخامس..

 

ننتقل إلى محور له علاقة مباشرة ولكن في إطار مختلف.. أقررنا جميعاً.. وأقر حتى على المستوى الخارجي أن هناك من يقاتل من جنسيات غير سوري وهذا القتال يبدو أنه في بعض الفترات وصلت أرقامه إلى عشرات الآلاف حسب على الأقل الإحصائيات الغربية وليست فقط الإحصائيات السورية. سؤالي الأول سيدي الرئيس بالنسبة لهذه النقطة ما تفسيركم لتحويل سورية إلى أرض للجهاد.. كيف ولماذا خلال هذه الفترة الوجيزة من الزمن...

 

السيد الرئيس..

 

سورية لم تتحول إلى أرض للجهاد.. الجهاد هو جهاد من اجل الخير.. هو بناء وتطوير ودفاع عن الوطن والرسالة.. وكل ما نزل في الأديان السماوية وفي كتبها من أجل الحق والعدل والمساواة.. ما يحصل في سورية هو نقيض لمفهوم الجهاد اصلاً. وإذا أردنا أن نقول إن سورية تحولت إلى أرض نستطيع أن نستبدل كلمة جهاد بأرض للإرهاب.. إن ما يحصل الآن هو تحويل سورية إلى أرض للإرهاب.. وهذا له أسباب عديدة ومختلفة فالإرهاب بحد ذاته ينمو ويتكاثر في تربة خصبة اسمها الفوضى.. حيثما تر الفوضى تر الإرهاب ينمو بشكل تلقائي.. عندما ضعفت الدولة في افغانستان نما الإرهاب.. وكذلك في العراق على خلفية الغزو.. وعندما حاولوا اضعاف سورية.. فالفوضى بحد ذاتها هي عامل جذب للإرهاب.. لكن ليس هذا هو العامل الوحيد.. فهناك دول خارجية تساعد هذا الإرهاب لأسباب عدة.. أولها هو أن ذلك سيؤدي إلى تآكل عوامل القوة والمناعة الموجودة تاريخياً في سورية سواء على المستوى الدولي بمواقفها ومقاومتها.. أو على مستوى المجتمع بمناحيه الثقافية والفكرية وبالتالي وحدته الوطنية.. أو على مستوى البنية التحتية والاقتصاد والخدمات التي دأبت الدولة على تقديمها للمواطن.

 

بالتالي فإن أعداء سورية سيكونون سعداء جداً بأن يروها تدمر ولو على المدى الطويل.. هناك سبب آخر أيضاً لجعل بعض الدول الغربية تدعم الارهاب في سورية وهو أنها تعتقد أن هذه المجموعات الإرهابية التكفيرية والتي شكلت لها هاجساً أمنياً على مدى عقود ستأتي إلى سورية وتقتل.. وبالتالي يتخلصون منها وينقلون المعركة من دولهم ومناطق نفوذهم إلى سورية فيتخلصون منها دفعة واحدة.. ويضعفون سورية الدولة أيضاً.

 

مداخلة.. لكن سيدي الرئيس.. ليس كل من يقاتل في سورية تحت راية هذه الجماعات هو غير سوري.. نعم هناك عشرات الالاف من غير السوريين لكننا شاهدنا سوريا يأكل قلب أخيه السوري. ما الذي أوصلنا إلى هنا...

 

السيد الرئيس..

 

في الكثير من الجلسات التي كنا نتحدث فيها عن الأزمة كنت أبدأ بالقول ان ما يحصل في سورية هو أزمة أخلاق قبل أن اتحدث عن التطرف والتكفير والعامل الخارجي وغيرها.. لأن كل ذلك لا يمكن أن يخترق مجتمعك وأنت متحصن بالأخلاق.. عندما تعاني أزمة أخلاق تسمح بالتدخل الخارجي في شؤون بلدك.. يتحكم بك المال والحقد وتتحول إلى مرتزقة.. تغيب مبادؤك الوطنية.. وبالتالي عندما تفقد اخلاقك تفقد انسانيتك.. وعندها تتحول إلى مخلوق آخر.. لا أقول حيوانا.. لأن الحيوان لا يأكل لحم أخيه إلا إن تضور جوعا.. الحيوان لا يأكل لحم أخيه حقداً.. عندما تفقد مبادئك وأخلاقك تفقد المفهوم الحقيقي لدينك.. فالأديان التي أتت لتعزز الإنسانية من خلال الأخلاق لا يمكن أن تكون نفسها من يتستر هؤلاء خلفها لقطع رؤوس اخوتهم وأكل قلوب اشقائهم.. عندما نفقد الممارسة الدينية الحقة بأخلاقها ومبادئها كما حصل مع بعض التيارات.. يتحول الدين إلى قشور.. وبالتالي يمكن لأي شخص أن يقوم بعمل كهذا.. لأنه يعتقد أن هذا هو الدين.. والدين منه براء.

 

العقائد المشوهة المنحرفة تجعل الإنسان يحقد على أخيه الإنسان إن خالفه بالمعتقد

 

مداخلة.. قلتم "يأكل لحم أخيه حقداً" هل نحن أمام غريزة الحقد...

 

السيد الرئيس..

 

على عكس العقائد الصحيحة سواء الدينية أو الاجتماعية التي تبنى على العقل.. فإن العقائد المشوهة المنحرفة تجعل الإنسان يحقد على أخيه الإنسان إن خالفه بالمعتقد.. وبالتالي الحاقد نعم يفقد عقله ويدفعه حقده.. ولا أقول غريزته.. لأن يأكل قلب إنسان آخر أو أن يقطع رأسه. والغريزة الانسانية أساسها الفطرة وليس الحقد.. والفطرة خيرة لا حاقدة.. أما ضعف المبادئ والأخلاق والعقائد الخاطئة المنحرفة فهي التي تدفع الإنسان بعيداً عن العقل.

 

السؤال السادس..

 

أعود إلى وصفكم للجهاد بمعناه الحقيقي والايجابي.. لكن سيدي الرئيس المعنى السائد والأكثر شيوعا للجهاد هو القتل والاقتتال.. ما العمل...

 

السيد الرئيس..

 

العمل هو أن يعودوا للقرآن الكريم.. فكلام الله واضح بين.. الاسلام دين تسامح ورحمة.. تلك الكلمة التي ذكرت في القرآن عشرات المرات.. الدين الإسلامي أتى من أجل تعزيز إنسانية الإنسان وترسيخ الرحمة والمحبة ونبذ القتل.. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق". القرآن واضح.. والحديث الشريف واضح وكلاهما يحض على المحبة والتسامح وإحقاق الحق والعدل والإنسانية.. ليس ذلك فقط.. فمن يتشبه بالرسول عليه الصلاة والسلام عليه أولاً أن يستذكر ممارساته في حياته كإنسان قبل أن يكون نبياً وبعد النبوة وكلها كانت مبنية على الأخلاق الإنسانية أساساً. وأنا أسألك وأسأل كل من سيقرأ هذه الكلمات..

 

هل ما يقوم به هؤلاء التكفيريون الوهابيون يشبه بأي شكل من الأشكال ما كان يمارسه رسولنا الكريم خلال حياته كاملة قبل الرسالة وبعدها...

 

تحدثت كثيراً حول هذه النقطة تحديداً مع عدد من رجال الدين في سورية وبلاد الشام أن هناك جانباً نفتقده في التأهيل الديني ويجب التركيز عليه بكل المستويات سواء لعلماء الدين أو لطلابه.. وهو حياة الرسول الكريم.. لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأت لينقل كلام الله فقط أو حتى كي ينقل كلامه على شكل أحاديث فقط.. بل أتى كي ينقل ممارسةً تجسد هذا الدين.. إذاً لو عدنا للقرآن الكريم والحديث الشريف والسنة النبوية وحياة الرسول الكريم بأخلاقه وانسانيته.. لما وجدنا سوى نقيض ما يقوم به هؤلاء.

 

السؤال السابع..

 

على من تقع مسؤولية هذه الدعوة للعودة إلى القرآن الكريم وسلوك الرسول...

 

السيد الرئيس..

 

عندما يخرج من قلب المجتمع شخص سارق أو مجرم أو متطرف.. فهي مسؤولية المجتمع عموماً.. لكن أول من يتحمل المسؤولية في المجتمع هي الدولة لأنها مسؤولة عن كل القطاعات بما فيها القطاع الديني. لكن الدولة تتشارك المسؤولية أيضاً مع المؤسسات الدينية.. مع وزارة الأوقاف.. المعاهد.. المدارس الشرعية.. والكليات المختلفة وخاصة تلك التي رخصت مؤخراً..

 

وبالتالي لابد من التعمق في تأهيل هذه الطواقم جميعها كي نصل إلى المفاهيم الصحيحة للدين ونركز على جوهره بدلاً من أن نترك المجال للأفكار المتطرفة بالتسلل إلى عقول بعض ابنائنا لأنها تتمسك بقشور الدين لا بجوهره.

 

السؤال الثامن..

 

البعض يتحدث عن أن الدولة تتحمل الجزء الأكبر من هذه المسؤولية. ان هذه البيئة الدينية المتطرفة نوعاً ما.. نمت أمام أعين السلطة.. ويضربون مثالاً على ذلك أولاً بالمدارس الدينية التي لم تتم متابعتها.. ولم توضع لها المناهج الصحيحة بإقامة العدد الكبير من الجوامع وأخطر ما يطرح اليوم أن هناك من بنى الجوامع لكي يتهرب من دفع الضرائب.

 

السيد الرئيس..

 

الكثيرون ممن التقيتهم خلال هذه الأزمة قالوا لي شيئاً مشابهاً بأن الدولة أخطأت عندما سمحت بهذه المدارس الدينية وها نحن اليوم نرى النتيجة. هذا الكلام غير صحيح.. بل على العكس تماماً... خلال كل هذه الأزمة لم تحصل لدينا مشكلة واحدة تسببت فيها أي مؤسسة من المؤسسات الدينية وهذا موضوع مهم جداً يجب التركيز عليه بل فوق ذلك كانت هذه المؤسسات الأكثر فهماً لجذور المشكلة والأكثر التزاماً بضبط الأمور.

 

في إحدى مقابلاتي السابقة تحدثت عن رجال الدين ودورهم.. لكنني الآن أتحدث عن كل المؤسسات الدينية.. والتي لم يخرج منها مظاهرة واحدة تدعو للفوضى أو تنادي بالطائفية.

 

لأصحح لك ما جرى... إن الجزء الأكبر من الذين خرجوا من المساجد في البدايات وهم يهتفون (الله أكبر) بمظاهرات لخلق الفوضى هم أساساً لا يعرفون شيئاً عن الدين.. لا أقول ضعيفو الإيمان وإنما فعلاً لا يعرفون شيئاً عن الدين.. وأما البعض الآخر فهو يعرف الجامع لكنه لا يعرف الصلاة.. وتواجد في الجامع يوم الجمعة كي يخرج وهو يهتف (الله أكبر).

 

إن قارنا كل ذلك بالمؤسسات الدينية فالعكس تماماً هو الصحيح.. فهذه المؤسسات كان لها دور مهم.. وكانت موجودة منذ عشرات السنين لكن تم تعزيزها ونشرها بشكل أكبر ليس في السنوات الماضية بل منذ الثمانينيات على خلفية أزمة الإخوان.. تلك الأزمة فتحت أعين الدولة في حينها على وجوب الاهتمام بشكل أكبر بالقطاع الديني لأن الكثير من السوريين أيام الإخوان المسلمين في السبعينيات والثمانينيات غرر بهم بسبب ضعف الوعي الديني لديهم فاستغل الإخوان المسلمون هذه الثغرة ودخلوا إلى شرائح مختلفة في المجتمع سواء رجال الدين أو غيرهم. واعتقد الناس حينها أن هذه المجموعة جاءت كي تعزز الدين في المجتمع مقابل الدولة (الملحدة) التي تقف ضد الدين فكان لابد من تعزيز الوعي الديني.. وبالتالي من كل ما سبق أنا أعتقد أنه وعلى خلفية هذه الأزمة يجب أن نهتم أكثر بالقطاع الديني والمدارس الدينية تحديداً والتي لا تحمل على عاتقها رفع الوعي العام فقط.. بل أيضاً تأهيل الأئمة بشكل جيد.

 

نحن بالمبدأ ضد أي عدوان على أي دولة شقيقة أو صديقة

 

السؤال التاسع..

 

سيادة الرئيس.. فتنة طائفية ضربت لبنان منذ عقود.. ومثيلتها ضربت العراق بعد غزوه.. ألم نكن بصورة أن ما يجري في دول الجوار قادم إلينا لا محالة.. وماذا فعلنا في مواجهة ذلك...

 

السيد الرئيس..

 

طبعاً وبديهي.. ولولا هذه الرؤية لما وقفنا ضد الكثير من السياسات الخارجية الغربية التي اعتقدنا أنها تؤدي للفوضى وهذا الشيء ثبت فعلاً.. وأحد تلك الأمثلة هو موقفنا الرافض للحرب في العراق.. كنا حاسمين جداً على الرغم من كل التهديدات الأمريكية الخطرة حينها.. وعلى الرغم من المغريات الكبيرة بالمقابل أيضاً.. قلنا.. لا وبوضوح حينها فنحن بالمبدأ ضد أي عدوان على أي دولة شقيقة أو صديقة ليس فقط خوفاً على العراق الشقيق بل بسبب معرفتنا للنتائج الكارثية التي ستؤول إليها هذه الحرب.. قبل ذلك عبرنا عن قلقنا من الحرب على أفغانستان.. وأنا كنت أقول بشكل واضح للمسؤولين الأمريكيين بعد أحداث 11 أيلول عندما كانوا يزورون سورية ويقولون إنهم سيهاجمون الإرهابيين وسيضربونهم في كل مكان.. وكانوا حينها يفترضون أننا سعيدون بهذا الكلام لأن سورية أول من دعت ومنذ الـ 1985 إلى تعريف واضح للإرهاب وتشكيل تحالف دولي ضده ولم يهتم أحد بذلك في حينها لأنهم لم يكونوا قد ذاقوا معنى الإرهاب في دولهم.. كنت أقول للمسؤولين الأمريكيين إن الحرب على أفغانستان ستعزز الإرهاب وتنشره.. فالإرهاب كالسرطان عندما تضربه بمبضع الجراح دون استئصال ينتشر بسرعة أكبر في الجسد. فلابد من استئصاله لا ضربه.. والإرهاب لا يستأصل بالحرب وحدها.. بل بالثقافة والتعليم والتواصل وحتى الاقتصاد. لم يسمعوا ومازلنا نعاني تداعيات حرب أفغانستان.. أو لم يريدوا أن يسمعوا لأنهم أعادوا نفس الكرة في العراق.. ووقفنا نفس الموقف وقلنا لهم إن الوضع في العراق سيتحول إلى أزمة طائفية وسينحو باتجاه التقسيم..

 

وها نحن نرى النزعات التقسيمية في العراق شئنا أم أبينا. نفس الشيء قبل كل هذه الأحداث.. عام 1976 دخلنا إلى لبنان لأن تداعيات الحرب أثرت في سورية منذ اليوم الأول.. دخلنا لنحمي لبنان نعم لكن لنحمي سورية أيضاً.

 

إذاً جواباً على سؤالك.. كنا نرى كل هذه الأشياء ونقف ضدها ونتدخل حين يجب ونستطيع التدخل لكن بنفس الوقت أنت لست معزولاً عن الجوار.. ولا يمكن لك أن تعزل نفسك. ما حصل قد حصل.. وكنا نجاهد خلال السنوات الأخيرة وخاصة بعد الحرب على العراق.. كي نمنع قدر المستطاع تداعيات ما يحصل خارجياً على الداخل السوري.. لكنك تستطيع أن تمنع جزئياً أو تؤخر بعض الوقت ولا يمكن لك أن تمنع جميع التداعيات كل الوقت... وفعلاً بدأت البؤر المتطرفة في سورية تظهر بعد 2004 في البداية كانت بؤراً غير سورية لكن مع الوقت تحول جزء ليس باليسير منها إلى بؤر سورية للأسف.

 

السؤال العاشر..

 

إذاً كانت هناك محاولات منذ بداية الأزمة وربما قبلها لجر سورية للمفاهيم الطائفية.. وبعد سنتين ونيف وجدوا شاهداً على ما أرادوا بموضوع مشاركة حزب الله وما أثير حوله وأنه بصراحة جاء لنصرة طائفة بعينها.. ما ردكم...

 

السيد الرئيس..

 

في هذه المنطقة هم جربوا كل الوسائل.. استعمار مباشر أو غير مباشر.. تهديد ووعيد.. محاولات اختراق أمنية ثقافية.. الخ.. كل شيء وبقيت سورية عائقاً في وجه كل ما خططوا له. وبعد الأحداث التي شهدتها بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة.. تخيلوا أن الفرصة سانحة الآن لضرب سورية بهدف ضرب المحور المقاوم في المنطقة.. الأساس الآن هو تغيير تعريف ووجه وصفات العدو والحليف.. فتتحول إسرائيل إلى عدو غير مرئي لا نراه.. هذا إذا لم تتحول إلى صديق عند البعض.. وتتحول المقاومة إلى عدو.. وبالتالي بدلاً من أن ننظر إلى المقاومة كفعل وحركة وتيار لمقاومة إسرائيل يجهدون الآن لجعل الجميع ينظر إليها على أنها هي العدو عبر تحويلها من مشروع مقاومة إلى مشروع طائفي..

 

هذا هو الحل الوحيد والأخير المتبقي لديهم لضرب مفهوم ومحور مقاومة إسرائيل. وعليه حاولوا أن يشوشوا على النظرة الواعية للشعب السوري وفشلوا كما فشلوا في كل ما حاولوا به سابقاً... افترضوا أن تصوير المقاومة لدى الشارع السوري بهذه الطريقة وتحويلها إلى عدو.. سيؤثر في مبادئنا وفي المقاومة.. وبالتالي توهموا أنهم بذلك يجعلوننا نشعر بنوع من التردد والتراجع أو الخوف من تداعيات هكذا طروحات منحرفة. وهذا ما لم ولن يحصل.

 

الحقيقة الواضحة بالنسبة لنا وللمقاومة ولكل من يقف معنا.. أن الهدف واضح.. والطريق واضح.. يستطيعون أن يطرحوا ما يشاؤون في الخارج.. لكن نحن سنصل إلى ما نريده سواء بمفهومنا للمقاومة أو بأوضاعنا الداخلية.. سنصل إليه بطريقتنا ودون تردد.. فليتكلموا كما يشاؤون.. ونحن سنفعل ما نراه في مصلحة سورية.

 

المقاومة لا يمكن أن تكون قوية من دون عمق حقيقي لها.. فسورية هي عمق المقاومة

 

السؤال الحادي عشر/مداخلة/..

 

هل كنا بحاجة لكل ذلك... أي لوجود عناصر من حزب الله تقاتل معنا...

 

السيد الرئيس..

 

هذه ليست أول مرة أسأل فيها هذا السؤال وجوابي واضح جداً.. الجيش السوري يقاتل في كثير من المناطق في سورية.. ولو أردنا أي جهة خارجية لكنا قادرين على جلب العديد.. ولكن موضوع القصير مرتبط بموضوع المقاومة أكثر من ارتباطه بالوضع الداخلي السوري.. القصير ليست بالأهمية الاستراتيجية التي أرادوا أن يظهروها بها..

 

الصحفي /مقاطعا/..

 

لكن الغرب أظهرها بأنها معركة المعارك..

 

السيد الرئيس..

 

تماماً.. لأنها تعني موضوعاً مشتركاً.. موضوعاً داخلياً سورياً ولكنها تعني المقاومة أيضاً.. وخاصة أنها منطقة حدودية تتعلق بالحديقة الخلفية للمقاومة.. المقاومة لا يمكن أن تكون قوية من دون عمق حقيقي لها.. فسورية هي عمق المقاومة وهذا المكان من الناحية الجغرافية استراتيجي بالنسبة لعلاقة سورية بلبنان وتحديداً بالمقاومة.. في هذه الحال ضرورة وجود المقاومة لتخوض المعركة المرتبطة بها.. كما هي مرتبطة بسورية.. نعم.. هو شيء ضروري.. ولن نتردد ولا نخفي هذا الشيء ولا نخجل به.. لذلك أنا قلت إذا كنا بحاجة للمقاومة لماذا احتجناها في القصير ولم نحتجها في دمشق أو حلب أو في باقي المناطق.. هذا الكلام مبالغ فيه.. نحن لدينا جيش ولدينا الآن دفاع وطني يقاتل مع الجيش وأعداده كبيرة.. لا تستطيع أي جهة خارجية أن تؤمن لنا هذا العدد الذي يقاتل بشكل مواز للقوات المسلحة ويحقق فكرة انه رديف حقيقي للجيش.

 

السؤال الثاني عشر..

 

رغم كل ما تفضلتم به إلا أن هناك أشخاصا من المعارضة أو من غيرها وخاصة في الخارج يروجون أن ما يجري هو صراع طائفي وأن الدولة هي من خلق هذه البنية الطائفية لمصلحتها...

 

السيد الرئيس..

 

أن تسهم الدولة في خلق البيئة الطائفية يعني أن تسهم في تقسيم المجتمع السوري.. يعني أن تسعى الدولة إلى تقسيم الوطن.. هل هذا يتوافق مع المعارك التي نخوضها في مختلف المناطق لكي نوحد سورية.. الوضع الديموغرافي في سورية ونوعية المعارك تناقض تماماً هذه الفكرة وهذا الطرح يناقض تماماً مصلحة الدولة.. فكل دولة لها مصلحة في أن تكون الدولة موحدة وقوية والوضع الاجتماعي مرتاح لكي ترتاح الدولة وبالتالي هذا الكلام يناقض تماماً هذا المبدأ.. إن البنية الطائفية تدفع الدولة إلى السقوط وليس الانتصار.. فإذا كانت الدولة ذات فكر وطني فهي تجاهد لعدم الوصول إلى ذلك من أجل وحدة المجتمع وضمانه وبالتالي ضمان قوتها.. بقليل من المنطق لا يوجد دولة تسعى بهذا الاتجاه إلا إن كانت دولة جاهلة وسورية ليست كذلك..

 

/مداخلة/..

 

لنوضح أكثر سيادة الرئيس.. هناك إتهامات غربية لكم بأنه عندما بدأت الاحتجاجات قمتم وبحنكة شديدة بالإيحاء للأقليات بأنها مهددة وبالتالي تم التفافها حولكم وعليه يحملون الرئيس السوري مسؤولية إحداث شرخ في المجتمع.

 

السيد الرئيس..

 

لو كان هذا الكلام صحيحاً لكنا وصلنا فورا إلى الحرب الأهلية ولسقطت الدولة.. لأننا لو تكلمنا بهذا المنطق وهو منطق نرفضه في سورية.. أي الأقليات والأكثريات.. ولكن إذا افترضنا أننا نريد أن نسير بهذا المنطق أو أن نتحدث من خلاله فلا يمكن لأقليات أن تحمي دولة.. الدولة تصمد بأكثريات.. ليس بالضرورة أكثريات قومية أو أكثريات طائفية أو أكثريات دينية.. وإنما أكثريات شعبية وطالما أن الدولة صمدت وصمد معها الشعب فهذا يعني بأن الأكثرية صمدت وليس الأقلية.. فهذا يؤكد أن أكثرية الشعب هي التي دعمت الدولة وهنا عندما نتحدث عن أكثرية الشعب لابد أن تشمل كل الطوائف.. لا يمكن أن نشكل أكثرية الشعب من أقليات.. فإذاً هذا ينسف كل تلك الاتهامات. يمكنك أن تلاحظ أن المشروع الغربي دائماً يبنى على هذه النقطة حتى أيام الاستعمار الفرنسي.. كيف قسموا سورية... قسموها إلى مناطق تبنى على الأقليات.. دولة العلويين.. دولة الدروز.. دمشق.. حلب...الخ.. ولكن بشكل أساسي اعتمدوا على فكرة الأقليات. في ذلك الوقت أي منذ نحو تسعين عاماً كان لأجدادنا وعي بأن هذا الموضوع خطر فهل من المعقول بعد كل تجاربنا اليوم أن نكون أقل وعياً من أجدادنا.. أيضاً هذا يناقض المنطق. فهذه التجربة مرت بها سورية وفشلت مع أنهم طبعوا عملة وأوجدوا وثائق.. وبالتالي من المستحيل أن تنجح اليوم.. هذا الكلام لا يمكن أن ينجح إلا إذا تعزز الفكر التكفيري في سورية أو حكم الإخوان المسلمون أو تعزز فكرهم في سورية.. عندها تحصل الفتنة كما نرى الآن في دول عربية وعندها تتقسم البلد وهذا لن يكون.

 

السؤال الثالث عشر..

 

لكن الاتهامات للدولة بخلق بنية طائفية لم تأت فقط من أصحاب فكر متطرف وما شابه.. بل نسمعها أيضاً على ألسنة بعض المثقفين الذين يقدمون أنفسهم كعلمانيين...

 

السيد الرئيس..

 

للأسف نعم. إن أكثر الطروحات الطائفية التي نسمعها الآن لا تأتي فقط من التكفيريين المتطرفين بل تصدر أيضاً ممن يدعون بأنهم علمانيون.. نحن اليوم أمام مجموعتين تتحدثان بالطائفية.. الأولى تسمي نفسها علمانية رغم أننا قلنا مراراً ان العلمانية هي ليست ضد الدين بل هي حرية ممارسة الأديان والثانية هي من الجهلة الذين يدعون الدين ولا يعرفون جوهره.المهم أن الكتلة الكبرى من المتدينين الواعين لجوهر الدين لا تتحدث بالطائفية لأنهم يعلمون تماماً كما نعلم جميعاً أن الطائفية هي نقيض الدين.

 

إذاً ما يجمع بين الفئة الأولى التي تدعي الثقافة والعلمانية حسب مفهومها.. والفئة الثانية التي تدعي فهم الدين وجوهره.. هو في الحقيقة الجهل.. والجهل بالدين تحديداً.. لأن الجهل بالدين هو الذي يؤدي إلى فكرة الطائفية. وأنا لا أقول المذهبية هنا.. فهناك فرق واضح بين المفهومين فالمذهب أساسه فكري... عندما أتى الأئمة الكبار في ذلك الوقت قدموا لنا فكراً كي نغني معرفتنا بالدين.. فالفكر يأتي ليعزز الدين ويغنيه مع الوقت. لم يقدموا لنا طائفية نتبعها بل مذاهب نعمق فكرنا وديننا وحياتنا عبرها.. مدارس فكرية أغنت الدين وأغنت الفكر الديني وأغنت الممارسة.

 

من لا يعرف الدين هو فقط من يتحدث بالطائفية لأن الطائفة بالنسبة له حلت محل الدين. وهذا شيء خطر ومدمر.. بعد كل ذلك لا نستغرب من تلك الفئات التي تحدثت عنها والتي تتباهي بالعلمانية وهي لا تعرف معنى العلمانية ولا معنى الدين.. أن تتحدث بالطائفية.

 

السؤال الرابع عشر..

 

في كل هذه المفاهيم المغلوطة والممارسة المنحرفة الطارئة على مجتمعنا من قتل وذبح إلى طائفية وتقسيم... هل نحن أمام بداية خسارة المشروع القومي العربي لصالح التعصب والتكفير... السيد الرئيس..

 

إن الهوية العربية مهددة من ثلاثة عوامل.. الأول هو الإنسلاخ عن الهوية العربية باتجاه الغرب تماماً. والثاني هو الإنسلاخ المضاد باتجاه التطرف والعامل الثالث هو أداء الحكومات العربية المتعاقبة الذي أدى عند البعض إلى الابتعاد عن المفهوم العربي برمته.. وهذا خاطئ. هذه العوامل الثلاثة وجهت ضربات قاسية للمشروع القومي العربي.. لم يمت ولم يخسر تماماً حتى الآن وهذا بات واضحاً في المزاج الشعبي لأن الحالة الشعبية العامة لم تتغير ولم تبدل هويتها.. تأثرت نعم ببعض بؤر التفتت في بعض الأماكن لكن المجتمع العربي لن ينهار بل على العكس.. لأن المشروع القومي هو فكرة إنتماء للقومية وبالتالي للعروبة.

 

لا يمكن للشعب إلا أن يختار ما هو صحيح بالنسبة للوطن من نتائج أي حوار مع أي جهة

 

السؤال الخامس عشر..

 

سيدي الرئيس.. منذ بدايات الأحداث في سورية كانت هناك دعوات في تركيا للتعامل مع الاخوان المسلمين تحديداً.. وكان هناك رفض سوري قاطع لهذا التعاون أو التعامل معهم كجهة سياسية سورية.. الآن نحن في الطريق إلى جنيف.. وقد أعلنت سورية انها ذاهبة إلى جنيف ودون شروط مسبقة.. هل سنتحاور مع الاخوان المسلمين...

 

السيد الرئيس..

 

نحن نتعامل مع أي طرف.. وبالمناسبة نحن تحاورنا مع الإخوان المسلمين بعد أن ضربوا المسلمين.. بعد أن ضربوا في سورية عام الثمانينيات.. نحن نتحاور من منطلق أن الحوار رب

اضافة تعليق