تعاني مختلف الأسواق من الركود حيث حركة البيع تكاد تكون معدومة إلا من بعض الزباين الميسورين أو الذين يضطرون لشراء الجديد، وهذا الحال ينطبق على جميع الأسواق دون استثناء.
“البعث” توجهت بالسؤال إلى استشاري التدريب والتطوير الخبير الاقتصادي عبد الرحمن تيشوري، حول الأسباب الفعلية لهذا الشلل الذي تعانيه الأسواق، فأكد أن الوضع الاقتصادي بشكل عام غير طبيعي، وفي علم الاقتصاد والإدارة يجب ألا تكون الفجوة كبيرة بين الأجور والأسعار، فالفجوة تقدر نسبتها بواحد إلى عشرة، وعلى سبيل المثال متوسط الرواتب ٣٠٠ ألف ليرة بينما تحتاج أسرة مكونة من أربعة أشخاص إلى ٣ ملايين ليرة كحد أدنى، فسبب الكساد الرئيسي الراهن هو ضعف الرواتب والأجور وقلة السيولة وضعف القدرة الشرائية لليرة السورية.
وأضاف تيشوري: يمكن للحكومة أن تؤدي دورا كبيرا في تنشيط الأسواق، لأنها تستطيع تنظيم الأسواق والمعارض، وهناك أمور لها علاقة بالمنافسة والضرائب والإقراض والإعلام ومراحل الإنتاج والتصنيع، وبالتالي نستطيع التأثير بالأسعار بأدوات إدارية وأخرى اقتصادية.
وتساءل تيشوري: لماذا نضع سقوفا على الرواتب والأجور، ولماذا رواتبنا هي الأدنى في العالم، ولا يتجاوز راتب الموظف ٣٠ دولارا، وهي تحت خط الفقر العالمي الذي يساوي دولارين يوميا للشخص الواحد، فإذا فرضنا أن الأسرة السورية متوسط عدد أفرادها خمسة أي عشرة دولارات في اليوم، مضروبة بثلاثين يوما، فنحن بحاجة إلى أربعة ملايين ليرة شهريا، وكذلك أجور بدء التعيين والتعويضات الموجودة في القانون الأساسي للعاملين في الدولة أصبحت معيبة، فتعويض الولد ٣ آلاف والزوجة خمسة آلاف، وكل هذه الرواتب والتعويضات والسقوف يجب إعادة النظر بها بما يتناسب مع الأسعار الحالية والتضخم الكبير الذي لحق بالاقتصاد سواء ما له علاقة بالحرب ونتائجها أم بالخلل البنيوي في إدارة الاقتصاد، وبالمشكلات الكثيرة التي تعاني منها الإدارات الحكومية.
وأكد تيشوري انه يمكن للتجار ان يؤدوا دورا كبيرا اليوم وبشكل مؤقت، من خلال التنازل عن جزء من الأرباح والبيع بسعر التكلفة أو بخسارة، وبالتالي يمكن تجاوز حالة الكساد التي يعاني منها الاقتصاد اليوم، وبعد فترة ثلاثة اشهر أو ستة أشهر مع قدوم الحكومة الجديدة، يمكن وضع خطط اقتصادية جديدة بديلة وسياسة نقدية ومالية وتجارية واستثمارية وتسويقية، تؤدي إلى إنقاذ الاقتصاد.
وفي الختام لفت تيشوري إلى أن غياب الإدارة المؤهلة للمؤسسات الإدارية والاقتصادية سبب الضعف في التنفيذ وحالة الكساد والترهل، وبالتالي مستوى التاهيل المهني للإدارة المتوسطة والعليا ضعيف، ويكاد يكون وجوده مفقودا وشكليا فقط، داعيا إلى استثمار خريجي المعهد الوطني للإدارة في إدارة الاقتصاد والمؤسسات، لان هذه النخب تلقت تدريبا عالميا في علوم الإدارة والاقتصاد والتسويق، ولا بد من البدء من جديد باستثمار الخريجين وإعادة الحافز المالي لهم، ويمكن ان يكونوا هم انطلاقة صحيحة نحو الإصلاح والتطوير، وحل جميع المشكلات التي نعانيها، مشددا على الدور الكبير والمهم للإعلام في المحاسبة الصارمة، وعندما تجتمع كل هذه الأمور يمكن تجاوز الحالة الراهنة والانطلاق نحو الإصلاح الإداري والاقتصادي وإصلاح الخدمات والرواتب والأجور.