منذ بداية هذا العام، كانت هناك الكثير من الادّعاءات الكاذبة من قبل الغرب، حيث دأب على الترويج لفكرة مفادها أن الاقتصاد الصيني يتأرجح وهو على حافة الانهيار الوشيك، وذهبت هذه المناقشات إلى حدّ اقتراح استراتيجيات لإدارة الأزمة المتصوّرة، وتصوير اقتصاد الصين باعتباره معرضاً لخطر عميق ويشكل خطراً متزايداً على التنمية الاقتصادية العالمية.
كانت هناك تحديات وتعديلات كبيرة في الاقتصاد الصيني في أعقاب الوباء، وخاصة في ضوء تهديدات الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية فيما يتعلق بفك الارتباط أو تقليل المخاطر مع الصين وتعطيل سلسلة التوريد، ويعود هذا النهج إلى حدّ كبير إلى التصور السائد في الولايات المتحدة بأن الصين منافس أو خصم أو حتى عدو.
بالإضافة إلى ذلك، كانت العديد من الدول الغربية تناقش انخفاض طلبات التصدير الصينية وحجم الواردات، ويعود هذا في المقام الأول إلى تدخل الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في التعاون الاقتصادي مع الصين، لكن يظهر واقع حال الصين مشهداً من التنمية الاقتصادية الطبيعية دون أي اضطرابات كبيرة في سبل عيش الناس. كما يظهر المجتمع الصيني مستوى عالياً من التضامن والوحدة، ولا تزال الصين وجهة جذابة للاستثمار الأجنبي. علاوة على ذلك، فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، أصبحت الصين مدفوعة بشكل متزايد بالابتكار والتطورات التكنولوجية. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك إطلاق شركة هواوي لهاتفها الذكي “برو ميت 60″، والذي يقال إنه يستخدم تقنيات خاصة بنسبة 100%، ورقائق تمّ تصميمها وتصنيعها في الصين. وهذا يظهر بوضوح أن الاقتصاد الصيني يقف على أعتاب ثورة أخرى، ويهيئ نفسه لمستويات أعلى من التنمية الاقتصادية.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن الكمّ الهائل من البيانات الصينية والاختراقات المستمرة في صناعة أشباه الموصلات، إلى جانب الخوارزميات القوية لدفع الاقتصاد الرقمي، يضع الصين في طليعة التطور التكنولوجي، ولا يمكن إنكار النمو المستمر في الصين، في ظل توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5,5% هذا العام، وهو ما يتجاوز كثيراً نظيره في الولايات المتحدة والعديد من البلدان المتقدمة الأخرى. وهذا يدلّ على قوة الاقتصاد الصيني، ويبدّد أي ادّعاءات عن انهياره الوشيك، ويكشف عن الدوافع الخفية وراء مثل هذه الادعاءات الكاذبة. ويسلّط الضوء على عملية صنع القرار في الولايات المتحدة، حيث يبدو أن واشنطن تشعر بالقلق إزاء تفوق الصين على الولايات المتحدة اقتصادياً في المستقبل القريب. كما أنها تشعر بالقلق من أنه بمجرد أن تصبح الصين أكبر حجماً وأكثر نفوذاً، فإنها قد تفرض نظامها السياسي وأيديولوجيتها وطرق عملها على الولايات المتحدة، وبالتالي، فهي تسعى إلى إثارة إجراءات تهدف إلى تعطيل التنمية الاقتصادية في الصين والدعوة إلى فكّ الارتباط عن الصين.
إن فكّ الارتباط بين الصين والولايات المتحدة يشبه مهمّة مستحيلة ومسعى قد يكون كارثياً. علاوة على ذلك، فإن تصوير الصين باعتبارها خطراً هو في حدّ ذاته أمر مضلل، فالصين لا تشكّل خطراً، حيث لديها فرص كبيرة. إن محاولة تقليل المخاطر بالكامل أمر مستحيل، لأن المخاطر والفرص متأصلة في كل بلد وفي كل مكان من العالم، ويتعيّن على الولايات المتحدة أن تتقبل حقيقة مفادها أن اقتصاد الصين قد يتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة في نهاية المطاف. وبغضّ النظر عن أفعالهم أو رغباتهم أو أوهامهم، فإن التنمية الاقتصادية في الصين سوف تستمر. علاوة على ذلك، من المهمّ الإشارة إلى أن الصين لن تسعى إلى الهيمنة عندما تصبح أقوى، سواء في الحاضر أو في المستقبل، كما أنها لن تفرض نظامها السياسي أو طرقها في القيام بالأشياء تجاه الدول الأخرى.
وبدلاً من ذلك، تهدف الصين إلى تعزيز التنمية الاقتصادية المربحة للجانبين، ولذلك، فإن مخاوف الولايات المتحدة بشأن أن تصبح الصين “المهيمن” التالي في العالم وتتولى موقع الهيمنة للولايات المتحدة لا أساس لها من الصحة، وتعكس مخاوفها وطموحاتها. إن العالم واسع بالقدر الكافي لاستيعاب كلّ من الصين والولايات المتحدة، فضلاً عن العديد من البلدان الأخرى، وسيكون “العيش” و”السماح بالعيش” بمثابة اتجاه كبير في الصين والولايات المتحدة. كما أن هناك ثقة في التنمية المستمرة في الصين، حيث ساهمت التنمية الاقتصادية في الصين في السنوات الأخيرة بنحو ثلث نمو الناتج المحلي الإجمالي الإضافي على مستوى العالم، ومن المتوقع أن تحافظ الصين على هذا الزخم وتواصل تقديم مساهمات كبيرة في التنمية الاقتصادية العالمية.
إن الصين ليست في ورطة عميقة، فهي تنمو بسرعة وقوة، وهنالك ثقة في التنمية الاقتصادية في الصين. وبناءً على ذلك لن يستمر الاقتصاد الصيني في التطور فحسب، بل قد يتجاوز الاقتصاد الأمريكي في نهاية المطاف، ولن يتغيّر شيء في العالم في ذلك الوقت، وسيكون العالم متعدّد الأقطاب.