أعلن جيش الكيان الإسرائيلي الأربعاء انتهاء عمليته العسكرية التي دامت يومين في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة مع ذكر تفاصيل صغيرة. صحيح أن جنود جيش الاحتلال غادروا مدينة جنين، لكن ذاكرة الاقتحام الأضخم منذ 20 عاماً لن تغادر الوجدان الفلسطيني، بل ستكون دافعاً لما هو آتٍ في قادم الأيام.
كان حجم الدمار كبيراً، لكن سكان جنين – خزان المقاومة- أثبتوا أنهم أكبر بكثير من أن توهن طائرات ودبابات الاحتلال من عزيمتهم، وإصرارهم على مواصلة مقارعة هذا المحتل الذي لا يفهم إلا لغة النار. لقد كانت معارك اليومين الماضيين سجالاً بين جنود الاحتلال والمقاومين الذين برعوا في خلخلة صفوف جيش الكيان الذي كان عناصره خائفين من المواجهة المباشرة مع رجال الحق.
لذلك لا يظن أحد أن جيش الكيان قد نفّذ المهمة، لأن جلّ ما قام به هو تدمير الأبنية بواسطة الطيران الحربي، أي قام بالمهمّة عن بعد. بينما كان المقاومون ينتشرون في الأزقة يزرعون الرعب في نفوس عناصر جيش الاحتلال الذي لم يتجرأ على الدخول في المواجهة المباشرة لإدراكه أنه الأضعف على الأرض، بل لخوفه من مفاجآتٍ كان مقاومو جنين قد استحضروها لحين بدء القتال.
لم يعلن جيش الاحتلال الانسحاب، بل أعلن الاندحار من مخيم جنين بعد أن وصلت الرسائل إلى تل أبيب -عملية الدهس- بأن المقاومة في الساحات جميعها. وبالتالي من المؤكد أن جنين سجّلت انتصاراً معنوياً على العدوان، حيث قادت كتيبة جنين ومقاتلوها هذا الانتصار، وأثبت مقاوموها أنهم يستطيعون قهر العدو، وأن معركتهم “بأس جنين” ليست إلا امتداداً لمعركة “سيف القدس”، ومعركة “وحدة الساحات”، ومعركة “ثأر الأحرار”، وهي جميعها معارك مجدٍ سيسجّلها الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة، التي ستبقى حاضرة في مسيرة محور المقاومة حتى زوال الاحتلال الصهيوني.
لقد سطّر مقاومو جنين صفحة جديدة في ردع المحتلين، وأكّدوا مجدّداً أن المقاومة هي عنوان وخيار استراتيجي لردع العدوان ودحر الاحتلال عن كامل الأراضي الفلسطينية، وسوف تكشف الأيام القادمة عن حجم الهزة العنيفة التي ألحقتها المقاومة بهذا الكيان المحتل، وتحديداً لجهة أن زمن عدم دفع ثمن العدوان قد ولّى، فهذه جنين، رمز التحدّي والصمود والنضال الفلسطيني، تلقّن المحتل درساً في المقاومة والصمود.