لم يعد خافياً على أحد حجم الدور الذي لعبته الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إضافة إلى النظامين التركي والسعودي ومشيخة قطر في صناعة ودعم ورعاية وتمويل وتسليح الإرهاب على الأرض السورية باعترافات مسؤولي هذه الأنظمة إضافة إلى التقارير الاستخباراتية والإعلامية التي تكشف حقيقة الدور الذي قامت به في تمويل التنظيمات الإرهابية ورعايتها.
ويأتي حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء مشيخة قطر ووزير خارجيتها السابق والذي لعب دوراً كبيراً في التآمر على سورية على رأس السباقين في فضح الأدوار التي لعبتها مشيخة قطر والنظامان التركي والسعودي في استهداف سورية ومحاولات النيل منها تنفيذاً لمخططات تهدف إلى تفتيت المنطقة والسيطرة عليها خدمة للمصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.
ابن جاسم كشف في تصريحات تلفزيونية بثت في تشرين الأول 2017 في إطار مسلسل تصفية الحسابات بين الأنظمة العميلة للولايات المتحدة والمتسابقة لإرضائها والمعادية لسورية أن بلاده قدمت الدعم للتنظيمات الإرهابية في سورية عبر تركيا بالتنسيق مع واشنطن وأطراف أخرى مشيراً إلى أن مشيخة قطر لعبت دوراً رئيسياَ في مخطط استهداف سورية وأنها “أمسكت بملف الأزمة فيها” بتفويض من النظام السعودي وموضحاً أن الدعم العسكري الذي قدمته بلاده للمجموعات الإرهابية في سورية “كان يذهب إلى تركيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة وكل شيء يرسل يتم توزيعه عن طريق القوات الأمريكية والأتراك والسعوديين”.
كما أقر ابن جاسم بفشله والأنظمة الأخرى الدائرة في فلك التآمر على سورية ما أجج الخلاف فيما بينهم بقوله.. “تهاوشنا على الصيدة وفلتت الصيدة ونحن نتهاوش” في إشارة إلى تقاسم الأدوار مع النظام السعودي وأنظمة أخرى في دعم التنظيمات الإرهابية.
النظام التركي بزعامة رجب طيب أردوغان كان وما زال أحد أبرز رعاة الإرهاب في سورية والمنطقة إذ لا يكاد يخلو أي إقرار من مسؤول إقليمي أو دولي أو تقرير استخباراتي أو إعلامي حول ذلك من إبراز وفضح للدور الذي لعبه هذا النظام في سياق دعم الإرهاب في سورية خصوصاً والمنطقة عموماً.
وجاء العدوان والاحتلال التركي المباشر لأراض سورية ليشكل تتويجاً لسنوات من التآمر والإسهام في استهداف سورية عبر جعل تركيا مقراً لإدارة الجرائم الإرهابية وتنسيق تمويل ودعم وتسليح التنظيمات الإرهابية وممراً لعبور عشرات الآلاف من الإرهابيين القادمين من مختلف أصقاع العالم إلى الأراضي السورية للمشاركة في الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري ويمكن في هذا السياق الإشارة إلى بعض ما كشف عن الدور التركي على هذا الصعيد حيث كانت الفضيحة التي فجرتها صحيفة جمهوريت التركية في عام 2015 ودفعت ثمناً باهظاً جراء كشفها والتي أظهرت بالصوت والصورة شاحنات تم توقيفها مطلع عام 2014 تابعة لجهاز المخابرات التركي تنقل أسلحة وذخائر إلى التنظيمات الإرهابية في سورية مخبأة تحت علب أدوية.
كما كشف ضابط سابق في الجيش التركي يدعى نوري جوكهان بوزكير وهو مقيم في أوكرانيا في مقابلة مع صحيفة سترانا الأوكرانية في أيار 2015 أن أردوغان زود التنظيمات الإرهابية في سورية بكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة بشكل غير قانوني موضحاً أنه “أشرف بنفسه على تزويد التنظيمات الإرهابية عام 2012 بالأسلحة” ومقراً بأنه خلال الفترة من 2012 وحتى 2015 تم عقد 49 صفقة سلاح لصالح التنظيمات الإرهابية في سورية من أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وكانت أموال الأسلحة تأتي من مشيخة قطر.
إلى ذلك أكدت العديد من الوقائع والتقارير بما لا يدع مجالاً للشك انخراط النظام السعودي المباشر في تقديم كل أشكال الدعم للتنظيمات الإرهابية في سورية وغيرها من دول المنطقة حيث كشفت وثائق سربها موقع ويكيليكس إقرار وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون بتسليح النظام السعودي للتنظيمات الإرهابية في سورية إلى جانب تأكيد تقارير دولية عديدة أن الكثير من الأسلحة التي يشتريها النظام السعودي تصل إلى التنظيمات الارهابية.
ولا يخفي النظام السعودي هذا التورط في دعم الإرهاب بل يتباهى مسؤولوه ومشايخه بدورهم في التحريض على إرسال آلاف الإرهابيين السعوديين إلى سورية إضافة إلى جمع مئات الملايين من الدولارات وإرسالها إلى التنظيمات الإرهابية عدا عن عقد صفقات ضخمة لشراء الأسلحة وشحنها عبر الأراضي التركية إلى هذه التنظيمات.
ونشرت شبكة البلقان للتحقيقات الإخبارية ومشروع تقارير الجريمة المنظمة والفساد في عام 2016 تقريراً استقصائياً مفصلاً وموثقاً بالأدلة والشهادات حول قيام النظام السعودي بعقد صفقات تبلغ قيمتها 2ر1 مليار يورو لتوريد أسلحة من البوسنة وبلغاريا وكرواتيا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا والجبل الأسود وصربيا ورومانيا ليتم نقلها بطرق غير مباشرة بالطائرات أو السفن إلى تركيا وغيرها ومن ثم إلى التنظيمات الإرهابية في سورية.
وأوضحت الوثائق أن تنسيق التجارة بالأسلحة كان يتم من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) فيما تنفيذها يتم عبر تركيا ودول الخليج ولا تستخدم هذه الأسلحة حسب الوثائق من قبل ميليشيا ما يسمى “الجيش الحر” فقط ولكن أيضاً من قبل الإرهابيين في تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش”.
كل هذه الأدلة والإثباتات تؤكد حجم الدور الذي لعبته تلك الأنظمة في استهداف سورية وشعبها وإمكاناتها لا لشيء إلا لخدمة أجندات ضيقة خاصة ومخططات ومصالح للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وحليفها كيان الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأكبر من كل ذلك.