حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

من سلسلة أسرار ووثائق خطيرة حول سورية.. العودة القريبة لسورية إلى جامعة الدول العربية؟

سامي كليب

 

لا شك أن كثيرا منكم أعزائي القراء سيقول لا ضرورة لعودة سوريا الى جامعة الدول العربية، وأنا معكم في القول بأن الجامعة للأسف شاركت في تدمير دول عربية او وقفت تتفرج عاجزة أو متآمرة على فلسطين والعراق والجزائر وليبيا واليمن وسوريا ولبنان وغيرها.

 

لكن في السياسة لا مكان للعواطف، وسوريا يجب أن تعود وان تلعب دوراً طليعياً في الوطن العربي، بعد سقوط الطفيليات التي ساهمت من قلب الجامعة في التدمير، وبعد ان اعترف رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم نفسه بأن قطر والسعودية " تهاوشتا على الصيدة" وكأن سوريا الحضارة والتاريخ والدور والعراقة مجرد طريدة.

 

كل المعلومات تشير إلى أن المساعي شارفت على الطلب من سورية عودتها إلى مقعدها وان الدول المؤيدة لذلك باتت أغلبية، بعد أن رحبت سوريا بدم أبنائها رهان عدم السقوط في كذبة الربيع العربي. وقريبا سنسمع مفاجآت جميلة .

 

وهنا أعيد نشر جزء من محضر جلسة وفد جامعة الدول العربية مع الرئيس بشار الأسد ( تجدون كامل المحضر وغيره من المحاضر والوثائق السرية للحرب في كتابي، الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج الذين نشرته حين كان الكثير ممن يدعي اليوم حب سوريا مختبئا خوفا أو تآمرا)، وفيه نفهم شكوك الأسد منذ البداية بطروحات الجامعة أو بعض من فيها وصلابته وبرود اعصابه خلافا للذين قالوا منذ ٨ سنوات وانه منفصل عن الواقع وانه راحل لا محالة :

محضر لقاء الأسد مع الوفد العربي

برئاسة حمد بن جاسم في تشرين الأول/أكتوبر٢٠١١

كانت بداية اللقاء حارة بالمجاملات زاخرة بالحذر المتبادل، وبدأ اللقاء على هذا النحو:

حمد بن جاسم: الله يخليك، نحن كلنا إخوانك ونتشرف بهذا اللقاء فخامة الرئيس. وأنقل إليك تحيات سمو الأمير وكل الإخوان وتحيات الإخوة الرؤساء وإن شاء الله نتمنى أن تطلع سوريا من العنف وأن تحل الأمور، إن شاء الله بالطريقة التي، إن شاء الله، تشرفنا كعرب في حل هذا الموضوع. وبغض النظر عما يقال وقيل نحن موجودون هنا للخروج بحل يرضيكم إن شاء الله، ويرضي كل إخوانكم السوريين الذين أنتم حريصون عليهم وكلهم أبناؤكم.

 

الأسد: في الحقيقة أهم نقطة في اللقاء السابق مع الأخ الأمين العام للجامعة كانت أن الجامعة قادمة لتساعد ولا أحد يأتي ليحل محل سوريا. ولكن أهم شيء هو أن تتمكن الجامعة العربية أن تثبت، ولو لمرة واحدة، أنها قادرة على أن تساعد دولة عربية. وطبعاً أرجع وأقول إن سوريا غير مستعدة لأن تتنازل عن قضية السيادة تحت أي ضغط كان. لكن نحن معروف عنا سعينا إلى العمل العربي. هذا شيء بديهي بالنسبة إلى سوريا بشرط أن ننظم أنفسنا. فغالباً ما نبدأ بنيّات جيدة ثم نصل إلى نتائج مناقضة لما نسعى إليه. ونحن أحببنا أن نستقبلكم لنرى مضمون المبادرة التي عندكم، وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية.

حمد بن جاسم: لو تسمح سيادة الرئيس.

الأسد: تفضل.

حمد بن جاسم: طبعاً نحن تداولنا فيما بيننا في الموضوع قبل مجيئنا. طبعاً نحن حريصون كل الحرص على أن يكون أي حل حلاً عربياً.(....) أنا كنت أتكلم مع الأخ وليد (المعلم) في السيارة، الآن ثمة عاصفة تهب على العالم العربي، وإذا كنا نحن في قطر، أضرب لك مثالاً، كدولة ملكية، نعتقد أن الوضع سيكون كما كان في ديسمبر (كانون الأول) أو جانويري (كانون الثاني) في المستقبل بيكون غلط، وأنا أتكلم بكل أمانة، كل دولنا، ونحن من ضمنها، خلال الأسابيع القادمة سنعلن، حنعلن أنه، خلص، هناك وضع عربي موجود، هناك عاصفة خاصة وعلى المرء أن يتكيف مع العاصفة إلى أن تمر وتكون بأقل الأضرار. وإذا لم نؤمن بهذا فلن نستطيع أن نعمل شيئاً.(..... )فالإصلاحات، أنتم كدولة أعلنتموها. إذا كانت المعارضة تريد أن تبدل في الدستور هذا بدل ذاك،هذا ممكن. وهذا يكون بأربعة أشهر بدلاً من ستة أشهر. طبعاً الكلام الذي يطرح هو مثلاً ما الذي يطمئنكم إلى أن الحكومة إذا خرجت من المدن لن تعود مرة ثانية. نحن نقول لهم، وهذا هو ما طرحتموه أنتم سابقاً، وهو أن تأتي لجنة عربية، أن يأتي مراقبون يرون الوضع بحيث نستطيع أن نثبت من خلال الجامعة العربية، من الذي اعتدى ومن فعل كذا أو كذا.

الأسد: طبعاً، في سوريا بداية، لا يوجد سقوط أنظمة. في سوريا يوجد تفتيت دولة، وفي سوريا الوضع مختلف، سوريا إما أن تتفتت وإما أن تبقى دولة قوية. موضوع سوريا يختلف عن بقية الدول بتركيبتها، وإذا كنا سنتعامل مع مشكلة فيجب أن نصل إلى نتيجة. أما الكلام عن الحوار والإصلاح فهذا شيء طبيعي وأنا أعلنته في أكثر من خطاب....

 

لو قرأتم باقي المحضر سوف يفاجئكم فعلا ما فيه، وفي كتابي الذي أردته عمليا أكاديميا التقيت ببعض وجوه المعارضة لاستمع الى وجهة نظرها في ما تريده قطر والسعودية من سوريا، فكانت النتيجة تقريبا أيضا واحدة....

 

ففي تفسيره للموقف القطري والسعودي من سوريا يرى المعارض السوري هيثم مناع أن المسألة لها جوانب عديدة ولعل أبرزها أن: «قطر ودول الخليج قررت أن تدفن الربيع العربي في سوريا خوفاً من انتقاله إليها. أرادت هذه الدول أن تكون سوريا آخر دولة تحصل فيها ثورات وانتفاضات ومشاكل، فكان أن حشدت كل قوتها لإنهائها مهما كلف الأمر فدفع السوريون الثمن».

 

وحول بدايات المساعي التركية والقطرية لإعطاء الأولوية للإخوان المسلمين، يقول مناع: «منذ عام 2011 وحين التقينا أربعة نواب من المعارضة التركية، روى لنا أحدهم أن وزير الخارجية التركي آنذاك أحمد داوود أوغلو استدعاهم وقال لهم حرفياً: هناك تغيرات أساسية وستكون تركيا بعد اليوم دولة ذات نفوذ مباشر إقليمي، وستكون البداية الفعلية في سوريا ويجب التعامل مع القضية السورية باعتبارها قضية تركية ونحن مفوضون بالدخول إلى سوريا. وفي أول اجتماع لنا في قطر في شهر تموز/يوليو 2011 مع عزمي بشارة حيث كنت أنا ونبراس الفاضل وفايز سارة ورجاء الناصر وعارف دليلة وأحمد رمضان وعبد الباسط سيدا وغيرنا، أخذني عزمي إلى غرفة مجاورة وقال لي أنت تُفشل هذا اللقاء أو تُنجحه، وكان كما الكثيرين يعرف موقفي من مسألة الإخوان أو رفضي لأسلمة أو تسليح أو تدويل الثورة. تم في الاجتماع اقتراح دعوة قيادات إخوانية، وحين طرح اسم ملهم الدروبي، سارعت إلى المعارضة وقلت أنا لا أجتمع مع شخص التقى منذ أقل من أسبوع برنار هنري ليفي (وهو فيلسوف فرنسي يهودي مقرب من إسرائيل ودعم الانتفاضات في ليبيا وتونس وسوريا وغيرها) ولا أريد أن أحرق نفسي. قال د. برهان غليون، أنا ليس عندي مانع من لقائه، قلت له اجتمع أنت مع من تريد وغادرت قطر... والواقع أن قناة الجزيرة أيضاً، ومنذ منتصف عام 2011 راحت تروج بقوة للإخوان المسلمين، ففي يوم واحد مثلاً، وأذكر أن الأمر حدث بعد أسبوع على استشهاد شقيقي في درعا، استضافت الجزيرة 18 شخصاً إسلامياً من الإخوان وراحت تقدم كل واحد بصفة، فتقول هذا باحث وهذا أستاذ وذاك معارض. إلخ. سرعان ما اقتنعنا بأن قطر قررت أن تسير بمشروع الإخوان المسلمين بالرغم من تأكيد مسؤوليها أمامنا غير مرة أنهم وهابيون. كان وضعها آنذاك قوياً في ليبيا. وكان عزمي بشارة يقول لنا بمجرد اتفاقكم على تشكيل لجنة مشتركة من المعارضة ستجدون الكثير من الدول بانتظاركم والأبواب مفتوحة، وسنضع بتصرفكم الطائرات والتسهيلات جميعاً. وفي إحصاء أجريناه في المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان (الذي يرأسه منَّاع) أحصينا 250 عملية مشتركة موثقة بالفيديو نفذها الإخوان المسلمون بالاشتراك مع النصرة والجبهة الإسلامية وغرباء الشام وغيرهم والذين صاروا في ما بعد عند داعش، وقد احتفظنا بأفلام اليوتيوب لأنه كان يصار إلى حذفها سريعاً، ولفتنا لاحقاً أيضاً أن أول مقابلة باسم النصرة كانت تلك التي أجراها أحمد زيدان عبر الجزيرة مع أبي محمد الجولاني زعيم النصرة، حين تم احتلال موقع الدفاعات الجوية قرب حلب، ونحن هاجمنا تلك العملية وتساءلنا ماذا يمكن أن تؤثر الدفاعات الجوية في الحراك المدني، فهي لا تقصف لا براميل ولا غيرها. ثم المقابلة الثانية أجراها تيسير علوني مع غسان عبود لتقديم أحرار الشام إلى العالم. كل تلك المؤشرات والاجتماعات كانت توضح لنا يوماً بعد آخر بأن المشروع الإخواني هو المدعوم خليجياً ودولياً وتركياً، وكنا نحن نتعرض لمنع وقمع وملاحقات وتضييق من تلك الدول بما فيها فرنسا».

 

يضيف مناع «إن القطريين كانوا على قناعة أن النظام سيسقط قريباً، وأذكر أن آخر مرة تحدثنا فيها معهم وكان ذلك في شهر تشرين الثاني 2011، قالوا لنا إن النظام يترنح وهو ساقط لا محالة ولن تحلموا بفرصة أفضل من هذه، ذلك أن ثمة اتفاقاً دولياً على إسقاطه. وهي القناعة التي تشارك فيها أيضاً السعوديون والأتراك وغيرهم، وأعتقد أن هذا كان الخطأ الفعلي والذي ساهم في دمار سوريا».

 

لعل التعبير الظريف عن تلك القناعات، حصل في لقاء دعا إليه في المغرب السفير المغربي في لبنان الدكتور المثقف وذو العلاقات الواسعة علي أومليل. حضر الاجتماع هيثم مناع والوزير اللبناني طارق متري والإعلامية ريما خلف وغيرهم. حينها سأل مناع رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة الذي كان من المدعوين: «كيف تتركون رجلاً كالشيخ أحمد الأسير يفعل ما يفعله في صيدا ولبنان؟» أجاب السنيورة ضاحكاً: «أنتم السبب، ألم تقولوا لنا سيسقط النظام غداً، فحينها فكرنا أنه بعد سقوط النظام نتفرغ لإسقاط الأسير». ضحك الجميع.

 

اليوم ومع فتح المعابر السورية باتجاه الأردن والعراق بعد لبنان وقريبا صوب دول الخليج جميعا، يتضح أن سوريا ربحت، وان كذبة الربيع العربي انتهت، وان على العرب المساهمة الفعلية في إعادة الاعمار ليس فقط لأن جزءا من الدمار كان بسببهم، وانما أيضا لأن العرب بلا سوريا كالسجد بلا قلب....

 

اضافة تعليق