كتب سامي كليب.. مع قرار إدارة ترامب اليوم اقفال مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في أميركا، تكتمل آخر عناصر تنفيذ صفقة القرن، بينما ما بقي من نظام عربي ومن سلطة فلسطينية وحماس وغيرها يضحكون على الشعوب ويقولون انهم سيواجهون الصفقة...ولكي لا يبدو هذا الكلام نوعا من المغالاة، اليكم التالي:
• نقلت أميركا سفارتها من تل أبيب الى القدس، ولم يلق الأمر أي رد فعل عربي سوى بعض التصريحات والعنتريات عديمة الفائدة.
• اقرت أميركا و"إسرائيل" ان القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل، ولم يتحرك لا العرب ولا المسلمون ولا الفاتيكان، باستثناء تصريحات عديمة الفائدة.
• أقر "الكنيست الإسرائيلي" يهودية الدولة التي تنطبق على الفلسطينيين أيضا، ولم يتغير أي شيء سوى بعص التصريحات عديدة الفائدة.
• أوقفت أميركا مساهمتها في تمويل الاونروا، فتقاطر جهابذة العرب لانتقادها وهم القادرون، لو شاؤوا، أن يدفعوا كل الأموال اللازمة. لذلك فان تصريحاتهم وبكاءهم وشكواهم، هي مجرد دموع تماسيح لإخماد وترويض الشعوب.
• تم خنق غزة وتوسيع الشرخ بين حماس وفتح، واثيرت موجات تهديد اقتصادي جدية في الأردن بغية قمع أي محاولة للتصدي لاحقا. ولم نسمع من حماس وغزة تصريحات مهمة الا ضد بعضهم البعض. اما التصريحات الباقية فهي عديمة الفائدة.
• يجري حاليا تمرير مشاريع تجارية تعاونية في المنطقة ستتطلب تعاونا مباشرة بين إسرائيل ومصر والأردن والسعودية خصوصا منها مشروع " نيوم" الهائل، وما يُرصد لجزيرتي تيران وصنافير. من يقول ان هذه المشاريع يمكن ان تقوم بلا "إسرائيل" هو ساذج او كاذب.
• تم وضع كل المقاومة العربية المسلحة أكانت سنية في فلسطين (كتائب عز الدين القسام، وسرايا القدس) أو شيعية (حزب الله) أو علمانية يسارية على لوائح الإرهاب العربية. صار كل من يحمل السلاح إرهابيا، وكان الرئيس محمود عباس نفسه في طليعة من جاهر برفض أي عمل مسلح .
• من غير المعروف ما إذا كانت المخيمات الفلسطينية التي تم تدميرها في الحروب الأخيرة من لبنان الى سوريا، ستعود كما كانت أم ستتغير طبيعتها، تماما كما ان ثمة من سمع في لبنان من مسؤول فلسطيني كبير قبل فترة قوله:" ما عادت هذه المخيمات تهمنا، ولتذهب الى الجحيم اذا كانت ستتسبب لنا بمشاكل جديدة ولينزع الجيش اللبناني سلاحها بالقوة ". لعل في مثل هذا ما يؤكد ان ما سعى البعض لتمريره في قمة بيروت عام ٢٠٠٢ لالغاء حق العودة بات أمرا واقعا الآن...أما التصريحات التي تقول غير ذلك فهي كاذبة .
• جرى العمل إعلاميا في السنوات القليلة الماضية، على مشاريع مدروسة تماما لتبسيط وتمرير الكلام عن ان "إسرائيل" ليست عدوة وان العدو هي إيران. وما عاد كتّاب عرب مرموقون (ربما كانوا مرموقين) يترددون في الكتابة عن فضائل العلاقة مع "إسرائيل" وعن ان فلسطين وأهلها باتوا عبئا على العرب. يراد من هذا الكلام جعل العرب يعتادون على ذلك تماما كما عودوهم على استضافة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي على الشاشات العربية في أوج الاحتلالات الإسرائيلية .
• جرى كذلك اقناع شعوب الدول العربية التي تعرضت للحروب والدمار والإرهاب أنه من الأفضل لها التركيز على دولها ووقف الاهتمام بفلسطين او بأي قضية عربية أخرى.. صارت الشوفينية والقوميات الضيقة أهم من أي قضية مركزية.
• لو استمعنا الى بعض فلسطينيي الداخل خصوصا بعض الذين يعيشون تحت اشراف "إسرائيل" وعندهم جنسيتها ( ومن باتوا يسمون زورا باسم عرب ٤٨ ) ، قد نفاجأ بقولهم:" اننا لن نعيش في دولة فلسطينية لو قامت ونفضل إسرائيل ذلك ان الدولة ستكون أسوا نموذج عن الانظمة العربية ". هذا فعلا غريب من أناس محتلين لكن، هذا واقع. لحسن الحظ أن قسما كبيرا منهم لا يزال يعتبر الاحتلال احتلالا ويرسل خيرة أبنائه لمواجهة الاحتلال.
* ما عاد يوجد دولة عظمى ترفض صفقة القرن، فما يسمى بالاسرة الدولية ، تختلف على كل شيء الا حين يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني وبأولوية "اسرائيل". فالدول العظمى تتفق حتى ولو اختلفت التصريحات .
وفقا لكل ما تقدّم دعونا نطرح السؤال التالي: أليس كل هذا هو تماما صفقة القرن؟
كفانا ضحكا على بعضنا البعض...وحدهم شبان فلسطين قادرون على قلب المعادلة تماما كما فعل شبان جنوب افريقيا بقيادة نلسون مانديلا، لكن من أين لنا منديلا فلسطيني في عصر التصحّر الفكري والنضالي ؟
صفقة القرن تمّت، وكل التصريحات العربية ضدها تشبه الى حد كبير تصريحات وعنتريات العرب قبيل اتمام احتلال فلسطين.