حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

هل مرّت صواريخ الطائرات الإسرائيلية المغيرة على دمشق فوق رؤوس المشاركين بالقمة الاقتصادية فيها؟

 

عبد الباري عطوان..

ما كُنّا سنكتب عن القمّة الاقتصاديّة التي اختتمت أعمالها في بيروت اليوم، لولا أنّ أربَع طائرات إسرائيليّة من طِراز “إف 16” شنَّت عُدوانًا على سورية، وأطلقت صواريخها في محاولةٍ لضرب أهداف جنوب العاصمة دِمشق، وقامت الدفاعات الأرضيّة السوريّة بإسقاط أربعة منها، لأن هذه القمة لم تكن محور اهتِمام الشارع العربي مطلقًا، ولأنّها جاءت الأسْوأ في تاريخ القمم العربية.

 

لا نَستبعِد أن تكون هذه الصواريخ الإسرائيليّة مرت من فوق رؤوس المُشاركين في هذه القمّة التي لم تُشارِك فيها سورية، وكان مقعدها خاليًا، مثلما هو حال كُل القِمم العربيّة، سياسيّة كانت أو اقتصاديّة، التي انعقدت طِوال السنوات الثَّماني الماضية.

 

شرفٌ كبيرٌ لسورية وشعبها وقيادتها وجيشها أن تكون مُستَهدفة بالإرهاب الإسرائيليّ وتواطؤ بعض العرب معه، فالذين تقصفهم الطائرات والصواريخ الإسرائيليّة هذه الأيّام هُم الذين يَقبِضون على الجَمر، ويَقِفون في خندق الكرامة ويتمسكون بالثوابت العربيّة، في زمنٍ تخلى الكثيرون عنها ووقفوا في خندق أعداء الأُمة.

 

قد تكون سورية التي غابت عن القمة العربية الاقتصادية التي عكست حال الهوان العربي في أبشع صوره، في ظل غياب معظم الملوك والرؤساء والأُمراء عنها، ولكنها لم تَغِب عن العناوين الرئيسية لتصديها لهذا العُدوان، وإطلاق صاروخ على هضبة الجولان المحتلة كرَدٍّ عليه، ربما يتطور إلى زخات مِن الصواريخ في المستقل القريب، أو هكذا نأمل.

 

من مفارقات هذه القمة دعوتها في بيانها الختامي إلى عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وتخفيف معاناة هؤلاء من خلال تقديم الصناديق العربية معوناتٍ لهم، ولكن المشاركين فيها لم يقولوا إلى أين سيعود هؤلاء وكيف؟ إلى بيوتهم المدمرة معظمها بأموال دول عربية؟ وهل ينصبون خيمهم فوق ركامها؟

 

جميع المشاركين في هذه القمّة أغلقوا حدودهم في وجه اللَّاجئين والنَّازحين السوريين الذين يتباكون عليهم، ويطالبون بتخفيف معاناتِهم، باستثناء الدول الفقيرة المعدمة ماليا والغارِقة في الديون مِثل لبنان والأردن وبدَرجةٍ أقل السودان، أما الدول النفطيّة الثريّة التي تزدحم صناديقها السيادية بمِئات المَليارات فلم تقدم إلا أسلحة الدَّمار تنفيذًا لأوامِر أمريكية مباشرة، وإسرائيليّة غير مباشرة.

 

ما نستغربه من هذه القمة، والجامعة العربيّة التي دعت إلى عقدها في لبنان، هو الأحاديث والتَّصريحات التي ركّزت على عودة سورية إلى الجامعة، والعمل العربيّ المشترك بالتّالي، فأين هو هذا العمل العربيّ المشتَرك، وأين هي هذه الجامعة، بَل وأين الزعماء العرب؟

 

العمل العربي المشتَرك بات حكرًا على “الناتو العربي”، وخدمة المخطَّطات الأمريكية والإسرائيلية ضِد محور المقاومة فقط، وكل من يَقِف في وجه المشروع الاستيطاني العدواني الإسرائيلي، ثم متى طالبت سورية بالعودة إلى الجامعة العربية، ونتحدّى أن يقدّم لنا أي مسؤول في هذه الجامعة وثيقة أو تصريحًا يوحِي يُؤكّد هذا الطلب.

 

كنّا نتمنّى لو أنّ الرئيس اللبناني ميشال عون قد سحب استضافة بلاده لهذه القمّة عندما أدرك هَزالة التمثيل فيها، وتغيب معظَم الزعماء العرب، تمامًا مثلما فعل الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي قبل أكثر من عشر سنوات ملقِّنًا المقاطعين درسًا في ضرورة احترام الحد الأدنى من معايير مؤسّسة القِمَم العربيّة، لأنّ هذا الغِياب لا يليق ببلاده، ويشَكِّل إهانةً لها، وهي الديمقراطيّة الحقيقيّة في المنطقة، وكانت دائمًا منارةً سياسيّةً وثقافيّةً للعرب جميعًا، ولكنّه لم يفعل للأسف تأدُّبًا وكظْماً للغَيْظ.

 

سورية تتعرَّض لاستهدافٍ إسرائيلي أمريكي بتَواطُؤ عربي لأنّها تجاوزت المؤامرة، واستَعاد جيشها العربي معظَم أراضيها التي كانت خارجة عن سيطرة الدولة، وإن تشكل في القريب العاجل جامعتها العربيّة الجديدة، ونتمنَّى أن تجعل من أبرز شروط العضويّة فيها التمسك بالثوابت العربيّة، وأدبيات وقيم محور المُقاومة، وتوجيه البُوصلة نحو فِلسطين والقدس المحتلَّة.. مرَّة أُخرى نقول يرونها بعيدةً ونراها قريبةً.. والأيّام بيننا.

رأي اليوم

اضافة تعليق