حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

«نيويورك تايمز»: «مكة آل سعود».. بهذه الطريقة أصبح للسعودية حلفاء وأصدقاء

في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بعد ثلاثة أيام من اعتراف المملكة العربية السعودية بأن عملاءها قتلوا الصحفي المعارض جمال خاشقجي، ترأس رئيس وزراء باكستان، عمران خان، الجلسة الأولى في مؤتمر اقتصادي عقد في الرياض وشهد انسحاب العديد من السياسيين والتنفيذيين الغربيين.

 

في سبتمبر ( أيلول) الماضي، عندما زار السيد خان السعودية سعيًا للحصول على معونات لاقتصاد بلاده الذي يعاني، غادر خالي الوفاض. لكن الأسبوع الماضي، مع اشتداد جذوة الغضب العالمي بسبب مقتل خاشقجي، اتصل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بخان طالبًا منه حضور المؤتمر. قبل خان وعاد بـ6 مليارات دولار من الدعم المالي من المملكة، بحسب مقال نشره محمد بازي، الأستاذ المشارك في الصحافة في جامعة نيويورك، في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

 

ابن سلمان يجري محادثات واسعة النطاق مع رئيس وزراء باكستان عمران خان

أضاف الكاتب، وهو رئيس مكتب الشرق الأوسط السابق في صحيفة «نيوزداي»، أنه منذ صعود الأمير محمد إلى السلطة، اتبع السعوديون سياسة خارجية أكثر عدوانية وعسكرية، لكنهم تراجعوا أيضًا عن تكتيك كان متبعًا على مدى عقود – فقد استخدموا ببراعة ثروتهم النفطية لشراء الولاء في العالم العربي وخارجه.

 

وقال الكاتب: «في خضم الضجة الدولية حول مقتل خاشقجي، ضغط الزعماء السعوديون على حكومات إسلامية صديقة تعتمد على دعم المملكة علانية. وأعرب حلفاء السعودية منذ فترة طويلة في الخليج العربي، الإمارات العربية المتحدة والبحرين عن دعمهم، كما أعربت عدة حكومات عربية تعتمد على المساعدات السعودية عن دعمها: مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والحكومة اليمنية المخلوعة».

 

دبلوماسية دفتر الشيكات

عندما اعترفت المملكة أخيرًا بأن عملاءها قتلوا خاشقجي، أعرب بيان لوزارة الخارجية السعودية عن تقديره «للمواقف الحكيمة للبلدان التي فضلت الانتظار حتى استكمال إجراءات التحقيق وظهور الأدلة، وتجنبت التكهنات والادعاءات التي لا أساس لها من الصحة». وأوضح الملك سلمان والأمير محمد أن المملكة ستتذكر أصدقاءها وستعاقب أعداءها بعد أن تهدأ الأمور.

 

بالإضافة إلى اتباع نهج دبلوماسية دفتر الشيكات، تسيطر السعودية على إمبراطورية إعلامية واسعة تعيد التأكيد على سياستها الخارجية وتهاجم منتقديها. ويمول القادة السعوديون منافسيهم ضد السياسيين الذين يفشلون في التقيد بخط المملكة في العالم الإسلامي، وينفقون عشرات الملايين من الدولارات على حكومات الدول الغربية ويدعمون مراكز البحث والجامعات والمؤسسات الثقافية البارزة التي تساعد في تشكيل صورة المملكة في الغرب.

 

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حليف قوي للسعودية

وفقًا للكاتب، فإن توجه القيادة السعودية لدبلوماسية دفتر الشيكات، والتهديد بحجب التجارة والاستثمارات، لا يتم توجيهه فقط للعالمين العربي والإسلامي. خلال العام الماضي، أوقف الأمير محمد صفقات تجارية واقتصادية مع ألمانيا وكندا ردًا على انتقادات الدولتين للأفعال السعودية، بما في ذلك الحرب التي قادتها السعودية في اليمن واعتقال نشطاء حقوق المرأة.

 

تلك الدول العربية التي لم تعرب عن الولاء الصريح للمملكة ظلت صامتة إلى حد كبير على قتل خاشقجي، مما يؤكد خوفهم من إثارة غضب الحكام السعوديين. دول إسلامية أخرى مثل إندونيسيا، التي تحافظ على علاقات قوية مع السعودية، عبرت عن موقفها بشكل حذر. ودعا جوكو ويدودو، رئيس إندونيسيا، التي تملك أكبر عدد من المسلمين في العالم، إلى إجراء تحقيق «شفاف وشامل»، مكررًا الخطاب الذي تبنته السعودية.

 

لكن جار ويدودو، رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، كان صريحًا في انتقاده وقال: «نحن أيضًا لدينا أناس لا نحبهم، لكننا لا نقتلهم». السيد مهاتير ينتقد القادة السعوديين على غير العادة، وذلك لأن سلفه، نجيب رزاق، كان حليفًا ومستفيدًا من سخاء المملكة.

 

في عام 2015، تلقى رزاق هدية غير مبررة قدرها 681 مليون دولار من السعوديين أرسلت إلى حسابه المصرفي الشخصي. وشريك السيد مهاتير في الحكومة، أنور إبراهيم، هو حليف قوي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يقود التهم ضد السعوديين بسبب مقتل خاشقجي.

 

يعتمد العديد من الدول والقادة الذين أصدروا بيانات تدعم السعودية إلى حد كبير على مساعدات المملكة. انتزع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكثر من 25 مليار دولار من المساعدات والتعهدات الاستثمارية من السعودية وحلفائها منذ أن أطاح الجيش المصري بالحكومة المنتخبة شعبيًا بقيادة الإخوان المسلمين في عام 2013.

 

في يونيو (حزيران) الماضي، بعد أن هزت الأردن احتجاجات جماهيرية حول زيادات الضرائب المقترحة، تعهدت السعودية ودولتان حليفتان بمبلغ 2.5 مليار دولار لدعم الاقتصاد الأردني. وتعتمد الحكومة اليمنية على السعودية، التي قادت في مارس (أذار) 2015 تحالفًا من الدول العربية السنية في حرب ضد المتمردين الحوثيين الشيعة الذين استولوا على أكبر مدن اليمن.

 

ملك لعقود مقبلة

يستخدم السعوديون سيطرتهم على الحج السنوي إلى مكة المكرمة باعتبارها وسيلة أخرى لمكافأة الأصدقاء وتهميش الأعداء في العالم الإسلامي. وفي كل عام، تحدد الحكومة السعودية حصصًا لعدد الحجاج من دول العالم الذين يمكنهم الحصول على تأشيرات الحج، استنادًا إلى النسبة المئوية للمسلمين في كل بلد. كما تخصص المملكة كتلًا تفضيلية من تأشيرات الحج للسياسيين والحلفاء الدوليين المفضلين.

 

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان-الرياض

كما أشار الكاتب إلى أنه في عهد الملك سلمان والأمير محمد، سارعت السعودية إلى معاقبة الدول التي لا تتقيد بخطابها – أو التي فشلت في اتخاذ موقفها في صراعها الإقليمي مع إيران – من خلال حجب المساعدات. في أوائل عام 2016، بعد أن أهملت الحكومة اللبنانية إدانة الهجمات على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، ألغت المملكة نحو 4 مليارات دولار من المساعدات إلى الجيش اللبناني وقوات الأمن اللبنانية.

 

في الأزمة الحالية، طالب الأمير محمد بالتعبير علانية عن الولاء والدعم من رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، الذي كان قد اعتُقل في زيارة للرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وأجبر على الاستقالة في خطاب متلفز قبل أن يعود في النهاية إلى منصبه. كان على الحريري أن يدعم الأمير محمد علانية لأن المملكة لا تزال راعيًا قويًا في لبنان ونصبت نفسها حامية الطائفة السنية في البلاد.

 

في المؤتمر الاقتصادي هذا الأسبوع في الرياض، مزح الأمير محمد مع الحريري، الذي كان جالسًا بجانبه على منصة المؤتمر. في نهاية الجلسة، قال الأمير مازحًا إن السيد الحريري سيقضي يومين في المملكة، مضيفًا: «آمل ألا تكون هناك شائعات عن خطفه» لترتفع صيحات الجمهور بالضحك والتصفيق.

 

يعرف الحريري، مثل غيره من القادة العرب، أن الأمير محمد (33 عامًا) من المحتمل أن يتولى السلطة لعقود. لقد حول الملك سلمان الكثير من الإدارة اليومية للمملكة إلى الأمير، الذي تراكم لديه سلطة غير مسبوقة باعتباره وزيرًا للدفاع ورئيس المؤسسات الأمنية والعسكرية الموحدة حديثًا.

 

الكاتب اختتم بقوله: «يدرك حلفاء السعودية وعملاؤها خطر تخطي الأمير محمد، الذي أظهر للعالم أنه يمكن أن يكون متهورًا وقاسيًا. يأمل أولئك الذين يستفيدون من دعم الأمير في أنه سيكافئ الولاء، لا سيما أنه وضع نفسه ليحكم لعقود بوصفه ملكًا مقبلًا للمملكة العربية السعودية».

ساسة بوست

اضافة تعليق