حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

تقدير موقف: تحديات متواصلة تواجه طريق الوساطة السياسية بين السلطة وكيان الاحتلال

في صباح يوم الخميس الموافق الثالث والعشرين من شباط أعلن موقع "أكسيوس" الأميركي للأخبار السياسية أن "السلطة الفلسطينية تفكر جدياً في الانسحاب من القمة الأمنية المزمع عقدها في مدينة العقبة يوم الأحد المقبل، وهي القمة المعنية ببحث أطر التهدئة في فلسطين والتنسيق من أجل محاولة وقف نشاط المجموعات الفلسطينية في الضفة الغربية".

بعد نشر هذا الخبر مباشرة أعلن الناطق باسم حركة فتح في قطاع غزة منذر الحايك أن كل الخيارات أغلقت أمام الشعب الفلسطيني وبقي فقط خيار المواجهة المفتوحة.

وقال الحايك: إن ما جرى في نابلس هو جريمة ارتكبتها الحكومة الفاشية دون الالتفات لكل "الوساطات"، مبيناً أن كل تلك الجرائم التي تمارسها تأتي لكسر إرادة الشعب الفلسطيني.

وقبل كل هذا أعلنت قناة "الميادين" اللبنانية، في خبر عاجل لها بثّته في صباح ذات اليوم إن الوسيط المصري لعملية التسوية طلب عدم الرد عسكرياً على جريمة نابلس، والمقاومة ردت على هذا الطلب بالرفض.

يأتي هذا مع كشف بعض من وسائل الإعلام العربية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعلى هامش لقاء عقده مع العاهل الأردني على هامش قمة القدس في العاصمة المصرية القاهرة تم الاتفاق على توحيد الجهود من أجل حث كيان الاحتلال على عدم التصعيد ومحاولة الاتفاق أيضا مع منصات الاتصال لدى المقاومة للتهدئة، خاصة قبل حلول شهر رمضان.

ما الذي يجري؟

بات واضحا أن هناك كثيرا من التحديات التي تواجه مصر من آجل ترسيخ وعمل وساطتها السياسية مع الفلسطينيين والوصول إلى حل للأزمة المشتعلة بالأراضي الفلسطينية. وبات واضحاً أن طريق الوساطة السياسية المصرية تحديدا يتعرض للكثير من التحديات والأزمات التي لا تنتهي نتيجة:

1- مواصلة "إسرائيل" لعملياتها في الأراضي الفلسطينية بلا توقف.

2-    من الواضح إن "إسرائيل" لديها بعض من الأهداف الاستراتيجية التي تسعى لتنفذيها، منها على سبيل المثال القضاء على عناصر المقاومة وتحديداً عناصر عرين الأسود وكتيبة جنين.

3-    تتكبد "إسرائيل" خسار جمة في ظل إصرار ومواصلة عناصر المقاومة لعملياتهم العسكرية في قلب الأراضي المحتلة، ورد كيان الاحتلال بالمقابل عليها.

ومع كل هذا تتعرض الوساطة المصرية لتحديات جمة، الأمر الذي يفرض وجود رفيق أو ما يمكن وصفه بالشريك في هذا الإطار. ومن الواضح أن الأردن تلعب دورا مهما ودقيقا في هذا الصدد لعدة أسباب منها:

أ‌- تدرك المملكة الأردنية خطورة وحساسية الموقف في فلسطين، وهو إدراك ينبع من اعتبارات متميزة منها الاعتبارات التاريخية والثقافية والاجتماعية.

ب‌- كثير من الملفات المرتبطة بالصراع "الإسرائيلي" مع الفلسطينيين تتطلع عليها الأردن وتعرفه عن ظهر قلب، وبالتالي باتت قضية منح الأردن حيزا أكبر وأوسع في منظومة العمل السياسي العربي أو الإقليمي المشترك للتهدئة أمرا حتميا، مع دقة الموقف والأزمة الحالية.

ج- تعرف الأردن جيدا كثير من تقديرات الموقف الحاسمة في الصراع "الإسرائيلي" مع الفلسطينيين، منها مثلا أن هناك نية حتمية من المقاومة للتصعيد في شهر رمضان، وهو أمر قاله عدد من قيادات المقاومة بصورة علنية دون تردد أو مواربة.

وفي هذا الإصار تسعى الأردن مثل مصر أو غيرها من الدول لتهدئة الموقف في فلسطين لعدة أسباب ومنها:

1- أن العالم الآن يعيش في أزمة حقيقة لن تنتهي قريبا، وتتمثل في الأزمة الأوكرانية، وهو ما يمثل تحديا مهما لكافة الأطراف العربية والإقليمية مع تداعيات هذه الحرب.

2- تغرق كثير من دول المنطقة في أزمات، منها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، الأمر الذي يجعل التعاون والاتفاق بين الدول العربية وبعضها البعض أمراً حتمياً في ظل ما يجري الآن على الساحة السياسية.

3- على صعيد المقاومة هناك تباين على أرض الواقع، ومنذ صباح اليوم الخميس نشرت بعض من المراكز البحثية التابعة لكيان الاحتلال بعض من تقديرات الموقف، التي تشير إلى أن المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" مقتنعة بأن جناح مهم في حركة حماس لا يرغب بالتصعيد، رغم إطلاق صواريخ ليلة الأربعاء من غزة باتجاه الأراضي المحتلّة عقب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مدينة نابلس اسفرت عن استشهاد 11 مواطنا وجرح 100 اخرين.

ووفقا لبعض من هذه التقديرات فان "إسرائيل" هي الأخرى لا ترغب في الوصول إلى تصعيد وجولة قتال أخرى ضد غزة.

تقدير استراتيجي

الفترة القادمة تمثل فترة الاتحاد أو العمل السياسي العربي بصورة مجتمعة وليس فردية، بمعنى أن التوجه للاتفاقيات الثنائية والثلاثية، وحتى الاتفاق بين الدول العربية بصورة مشتركة للعمل والتعاون سويا لحل أزمة ما بات أمراً دقيقا بسبب:

1- ضعف المؤسسات العربية وتباين أدائها السياسي وقلة حيلته في كثير من الأزمات (جامعة الدول العربية نموذجا).

2- تفضيل كثير من الدول العربية للاتفاق الثنائي أو الثلاثي الفردي مع بعضها البعض عن منظومة العمل العربي المشترك التي يتطلب تنفيذ توصياتها أو قراراتها كثيرا من الوقت الذي يؤثر سلبيا على مسار القضية ذات الاهتمام المشترك.

وبالتالي فإن مصر وما تمتلكه من خبرة، والأردن وما تمتلكه من تراث سياسي وأمني واستراتيجي يتعلق بالقضية الفلسطينية مؤهلتان سويا لتحقيق الكثير في هذا الملف، ومن الممكن الوصول لنتائجه ملموسة مع وجود أطراف عربية تنظر باحترام لهذا التحالف، مثل قطر مثلا أو الإمارات أو بالأصح جهات سيادية في كلتا الدولتين. عموما فإن التحديات التي يفرضها الواقع الإقليمي والفلسطيني تحديدا ومن بعده الواقع الدولي يفرضان اتخاذ الكثير من الخطوات اللازمة من أجل حل الأزمة الفلسطينية الحالية الآن.

الكاتب: معتز خليل - مدير مركز رصد للدراسات

المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا تعبر عن سياسة الموقع

اضافة تعليق