حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

الغموض يلف اللعبة الأخيرة الأمريكية في سورية

كتب كولين كلارك وأريان طبطبائي مقالاً بعنوان: «يلف الغموض اللعبة الأخيرة الأمريكية في سورية»، نشرته مؤسسة راند بتاريخ 16 تشرين الأول/أكتوبر 2018. يتحدثان فيه عن التغير الأخير الحاصل في استراتيجية الإدارة الأمريكية تجاه سورية.
وتحدث الكاتبان عن تغير الإدارة الأمريكية رأيها حول إعادة القوات الأمريكية الى الوطن ماعدا مكان واحد وهو سورية 
ويرجع الكاتبان السبب لتصريحات جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي، إن أمريكا ستبقى في سورية "طالما أن القوات الإيرانية خارج الحدود الإيرانية" واصفا التحول من مواجهة تنظيم داعش المتطرف الى احتواء إيران وهذه الاستراتيجية الجديدة ستشمل جهوداً دبلوماسية وسياسية متزايدة، ضمن الحدود التي يفرضها تفويض الكونغرس الحالي لاستخدام القوة في سورية. وستعمد إدارة ترامب بحسب هذه الاستراتيجية إلى حجب مساعدات إعادة الإعمار عن المناطق التي تعمل فيها القوات الإيرانية والروسية بحسب وكالة أنباء إن بي سي NBC News وتبرر واشنطن هذه الاستراتيجية إلى تجنب المواجهة المباشرة بين القوات الأمريكية والإيرانية، بأن قواتها ستدافع عن نفسها عند الضرورة.
ولا يرى الكاتبان أن مكونات سياسة ماسموها "الاحتواء" الجديدة محددة أو واضحة. وتؤكد تجارب تاريخية سابقة أن تنفيذ استراتيجية كهذه بالغ الصعوبة، بما يفوق توقعات الكثيرين في الولايات المتحدة.حيث «تواجه أميركا المترددة، التي حاول قادتها إنهاء الحروب في أفغانستان والعراق، خصماً إيرانياً حازماً في سورية.  
 و يقول الكاتبان: أن إيران دخلت الحرب السورية منذ بدايتها عام 2011، وحافظت على وجود غامض في البداية. لكن ظهور تنظيم "داعش" عام 2014 أدى إلى تدخل أكبر وأكثر استمرارية لطهران. واليوم، ومع استمرار الحرب في سورية، يبدو أن إيران مستعدة لتحويل ما كان تدخلاً مكلفاً إلى فرصة لإظهار القوة خارج حدودها وردع خصومها الرئيسيين. 
ويوضح الكاتبان أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمنت مستقبل إحدى دولها الحليفة الرئيسة، ووفرت لنفسها دوراً في تشكيل إعادة الإعمار في سورية، الأمر الذي يعد فرصة للاقتصاد الإيراني الذي يرزح في ظل فرض عقوبات متجددة. وبالنسبة لإدارة ترامب –الحريصة على زيادة الضغط على إيران وعزلها– هذا أحد المجالات الرئيسة التي يجب أن تتعامل معها.
ويتابع الكاتبان ستحتاج إدارة ترامب وبعد أن قررت دفع إيران خارج سورية إلى طريقة جديدة للمضي قدماً. تم تصميم سياسة الولايات المتحدة في سورية لمحاربة تمرد "داعش" بحسب الإدارة الأمريكية.ويتمركز حوالي 2000 جندي أمريكي في سورية. ومع ذلك، قد يتطلب "الاحتواء" المزيد من القوات والبنى التحتية، بما في ذلك إقامة قواعد في مواقع استراتيجية.
في المقابل يرى الكاتبان أن على الولايات المتحدة التأكد من عدم بقاء قواتها البرية في سورية إلى أجل غير مسمى. احتلال إسرائيل للبنان من عام 1982 إلى عام 2000 كان بمثابة مثال واضح على ضياع أهداف الحملات العسكرية Mission Creep[1]، وهو سبب كافٍ للولايات المتحدة لتجنب أخطاء مماثلة ولإعادة نظر جادة بأي وجود طويل الأمد في المشرق.
وإذا كان ترامب عازماً على انتظار خروج الإيرانيين، فيجب أن يعلم أن جدولاً زمنياً لا نهاية له لسحب القوات هو أكثر إشكالية بالنسبة لواشنطن مما هو بالنسبة لطهران. إيران قوة إقليمية، وليست بعض المتطفلين الذين يتسللون إلى أراضي شخص آخر. إن قواتها مرحب بها في الواقع في سورية.
في صياغة استراتيجية الاحتواء، يتابع الكاتبان أن أحد العوامل الرئيسة للولايات المتحدة هو دور روسيا. تتطلع الإدارة بحق إلى تعزيز علاقة ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتأثير على تحركات إيران في سورية. لكن قدرة روسيا على تشكيل سلوك طهران محدودة. رفضت إيران الإذعان لروسيا، شريكتهم، حتى عندما عرضت عليهم إرشادات استراتيجية. من وجهة نظر إيران، فقد حصلوا على مركز في سورية، ولهم بالتالي الحق في العمل باستقلالية. مع ذلك، يستطرد الكاتبان، يمكن للولايات المتحدة أن تدفع روسيا إلى تهدئة التوترات بين اللاعبين في سورية، مع الحرص على عدم زيادة مكانة موسكو جراء هذه العملية.
ويختم الكاتبان مقالهما بالحديث عما سمياه مصدر التوتر الأكثر إثارة للقلق في سورية أي الصراع المحتمل بين إيران وإسرائيل. ففي الأشهر الأخيرة، «تواجَه العدوّان في سورية، ضرب الإسرائيليون مواقع ادعوا أنها إيرانية، وردت الطرف الآخر عبر صواريخ وطائرات بدون طيار بالقرب من حدود الأراضي المحتلة، ربما لإثارة رد فعل إسرائيلي مبالغ فيه». سيكون منع مواجهة أكبر جزءاً أساسياً من استراتيجية احتواء إيران الأمريكية الجديدة.
في الختام يقول الكاتبان، يجب أن تكون الدبلوماسية هي الأداة الرئيسة لهذه الاستراتيجية، مع بقاء القوات الأمريكية لتأمين النفوذ الضروري في أي تسوية سياسية مستقبلية. ستحمل نتائج هذه السياسة الجديدة آثاراً كبيرة على المنطقة. وفشلها يعني أن لدى إيران مساراً واضحاً لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وستعلق الولايات المتحدة أكثر في شرك الحرب السورية، مع قليل من المكاسب الواقعية التي ستظهر لنهجها المجدد.
المصدر: مركز دمشق للدراسات والأبحاث - مداد- 

اضافة تعليق