حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

الشقّ الاقتصادي من «صفقة القرن» الأمريكية يتجاهل حقوق الفلسطينيين في العودة إلى بلادهم

لقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية وعن طريق «صفقة القرن» الأمريكية التي أعلن في «ورشة المنامة» عن الشق الأول منها وهو الشق الاقتصادي الإيحاء بأن القضية الفلسطينية هي قضية لاجئين يمكن أن تصفى أمورهم بملايين أو مليارات الدولارات، ضاربة عرض الحائط بحقوق هؤلاء في العودة واستبداله بمنح أو تبرعات على الأغلب ستأتي من بعض دول الخليج.

إن ما يسمى «صفقة القرن»، أعلنتها إدارة ترامب كحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتم الكشف عنها جزئياً على الأقل في «ورشة البحرين»، التي تمت الإشارة فيها إلى أن أحد الموضوعات التي تمت مناقشتها هو واقع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

لقد عدّت الإدارة الأمريكية وكالة «الأونروا» مشكلة للاجئين بدلاً من أن تكون جزءاً من حل مشاكلهم، لذا قررت سحب تمويلها لهذه الوكالة.

مثل هذا الاعتبار غير الواعي الذي أدى إلى تقليص الولايات المتحدة هذا العام مساهمتها بالكامل في «الأونروا» (بمعدل 360 مليون دولار سنوياً)، عرضّ للخطر مكانة الولايات المتحدة على المستوى الدولي فيما يتعلق بالعديد من القضايا السياسية الرئيسة تجاه القضية الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين والمساعدات الإنسانية التي تدعي الولايات المتحدة القيام بها، وأبرز مثال على ذلك «ورشة المنامة» فالشق الاقتصادي من «صفقة القرن» الأمريكية يتجاهل بشكل واضح وعلني حقوق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم ومنازلهم.

لقد تقرر في البداية أن تكون فترة عمل «الأونروا» ثلاث سنوات، وكان من المفترض أن يتم خلال هذه المدة الوصول إلى حل لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، لكن لم يتم التوصل إلى هذا الحل حتى يومنا هذا، وأصبحت «الأونروا» أطول هيئة أممية منذ تأسيس الأمم المتحدة حتى اليوم لا تزال تعمل، إذ لا تزال مستمرة إلى الآن بفضل ما توفره من مستويات تعليم جيدة في المنطقة، إضافة إلى الخدمات الصحية، والوظائف، وعمليات الإغاثة والخدمات الاجتماعية لملايين اللاجئين.

لقد أبدت الدول الأعضاء في الجمعية العامة دعمها «للأونروا» من خلال تجديد مدتها والموافقة على ميزانيتها لتظل قادرة على القيام بأعمالها. لا تستطيع «الأونروا» تغيير صلاحيتها.. يوجد اللاجئون الفلسطينيون بسبب الفشل المستمر منذ عقود في إيجاد حلول للأسباب الجذرية لنزوحهم، ولايزال عدد اللاجئين الفلسطينيين في ازدياد لأن الأطفال اللاجئين وذريتهم، بموجب القانون الدولي، يُعدون أيضاً لاجئين حتى يتم التوصل إلى حل دائم.

الدعم الدولي «للأونروا»

إن «الأونروا» تعمل ضمن بيئة مملوءة بالتحديات، وسط أعداد متزايدة من اللاجئين والوسائل المالية غير الكافية لرعايتهم، فقد كانت هدفاً سهلاً للإدارة الأمريكية التي أرادت وبدءاً من عام 2018 أن تقزم مسألة اللاجئين عن طريق تثبيتهم في الأماكن والدول التي يعيشون فيها وضمان عدم مطالبتهم بحق العودة إلى بلادهم على الأقل في الوقت الحاضر، وهذا جزء من «صفقة القرن» التي بدأ في «ورشة البحرين» فصلها الأول.

كان الدعم الدولي «للأونروا» مثالاً رئيساً على تقاسم المسؤولية لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، وهو مفهوم تم التأكيد عليه أيضاً في إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين، والميثاق العالمي بشأن اللاجئين، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عامي 2016-2018 ، على التوالي.

تجدر الإشارة إلى أن «الأونروا» تتمتع اليوم بدعم أكثر من 40 دولة مانحة. لقد حاولت «صفقة القرن» التي أعلن عن شقها الأول في «ورشة البحرين» الإيحاء بأن القضية الفلسطينية هي قضية لاجئين يمكن رفع مستوى معيشتهم من خلال ما أعلن عنه في «الورشة».

التطلع إلى المستقبل..الفرص الاقتصادية والحقوق الأساسية

مالا شك فيه أن الحديث عن «صفقة القرن» التي أوحي (بأنها ستحقق تقدماً اقتصادياً للفلسطينيين) يبدو وكأنه حبر على ورق، فالفرص الاقتصادية ليست بديلاً عن السلام، خاصة عندما يكون السلام رهينة من خلال عملية سياسية متوقفة وانتهاكات للقانون الدولي تمتد عقوداً من جانب (إسرائيل).

في عام 1949، اقترحت بعثة المسح الاقتصادي التابعة للأمم المتحدة إيجاد حل لوضع اللاجئين الفلسطينيين، من خلال توطين اللاجئين في البلدان العربية المضيفة، لكن هذا لم يتم بطبيعة الحال لأن اللاجئين والدول العربية كليهما طالب بحل سياسي يأخذ في الحسبان حقوق اللاجئين الفلسطينيين ورغبتهم في العودة إلى وطنهم فلسطين.

كان من الأفضل أن يقضي الذين حضروا (ورشة المنامة)وقتهم بالعمل على وضع خطة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وهو شرط مسبق وضروري لتحقيق تقرير مصير الفلسطينيين بشكل كامل، وإيجاد حل دائم لمحنة اللاجئين الفلسطينيين بما يتمشى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي.

ويبقى السؤال: ما الفرص الاقتصادية الجيدة من دون إعمال الحقوق الأساسية؟!

المصدر:تشرين

اضافة تعليق