حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

الإنفاق على التسلح في السعودية وقطر يكفي لتنمية معظم الدول العربية

تعد السعودية وقطر أكبر بلدين في العالم إنفاقاً على شراء الأسلحة، فالإنفاق السعودي على التسلّح يشكل رقماً يتجاوز بكثير ما تنفقه على بقية القطاعات في المملكة، وهذا يبدو واضحاً من خلال الأرقام المُعلنة، فقد تجاوز الإنفاق العسكري للسعودية في عام 2017 فقط الـ 70 مليار دولار، ليتم تصنيفها كثالث أكبر ميزانية تسلحية في العالم. كما تعد القوات العسكرية السعودية الأكبر ميزانية في الشرق الأوسط، والثالثة ضمن قائمة الدول ذات الإنفاق العسكري الأعلى في العالم، وذلك وفقاً لتقارير «معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام» الذي بيّن في تقريره السنوي- الصادر في آذار الماضي- عن حجم الإنفاق العسكري على مستوى العالم- أن السعودية حلت في المرتبة الثالثة عالمياً.

وقال التقرير: إن قيمة ميزانية التسلح السعودية الإجمالية عام 2015 فقط قد بلغت 87.2 مليار دولار، وأرجع التقرير هذه الزيادة الكبيرة إلى الاضطرابات التي تشهدها المنطقة وفي مقدمتها الحرب التي تقودها الرياض على اليمن، واصفاً الزيادة بأنها الأكبر عالمياً.

وحسب تقرير العام الماضي فقد ضاعفت القوات المسلحة السعودية من امتلاك الأسلحة بأكثر من أربعة أضعاف ما كانت عليه مقارنة بالسنوات الخمس السابقة على ذلك، وذلك عن طريق استيراد طائرات حربية وعربات مدرعة.

وللعام الحالي 2019 رصدت السعودية 191 مليار ريال (50.9 مليار دولار) في الميزانية العامة، لتحتل بذلك المرتبة الثانية من حيث قيمة المخصصات في بنود قائمة الإنفاق التسعة التي تضمنها بيان الميزانية، لكن يُلاحظ على مستوى البيانات أن ما تم رصده كتقدير عن الإنفاق الحقيقي في عام 2018 بنحو 218 مليار ريال يختلف عما كان مُدرجاً في بيان ميزانية الـ2018، حيث تجاوز الواقع الفعلي ما هو مخطط في بداية الـ 2018 بنحو 8 مليارات ريال، وبشكل عام فإن هناك عدة أمور تجعل المتابع لمسألة التسلح ينظر بعين الريبة والشك إلى أرقام الميزانية السعودية فيما يخص الإنفاق العسكري.

إن تقرير معهد استوكهولم لم يشر إلى أن مشتريات السعودية من السلاح في الـ2017 بلغت 69.4 مليار دولار لتحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم، لكن بيان الميزانية لعام 2018 يظهر أن مخصصات الإنفاق العسكري تجاوزت الـ59.7 مليار دولار، أي أن معهد السلام يشير إلى أن نفقات التسليح فقط زادت على ما هو مُدرج في الميزانية بنحو 10 مليارات دولار وذلك من دون بقية بنود الإنفاق العسكري.. وكما يبدو فإن السبب الرئيس في زيادة قيمة الإنفاق لعام 2017 هو استمرار الحرب على اليمن مضافاً إليها ما يسمى «حصار قطر»، علماً أنه كان من المتوقع تراجع الإنفاق العسكري بنحو 6.3% خلال عام 2018، وبنحو 12% للعام الحالي 2019، لكن الواقع أدى إلى تصدر هذا الإنفاق مراتب متقدمة من الميزانية.

وبرغم أن تقييم أي إنفاق في الميزانية للسعودية يعتمد على المردود المُتحقق منه، ومدى تحقيقه الهدف منه، إلا أن الإنفاق السعودي على التسلح يعد إهداراً للمال العام لأنه فقد هدفه، ولم يَعُد على البلاد بشيء إيجابي.. وإذا ما نظرنا إليه نجد أنه يتصاعد بشكل ملحوظ، وتؤيد ذلك بيانات الميزانية العامة كما هي الحال في تقديرات الـ2018، حيث جاء الإنفاق العسكري على رأس قائمة قطاعات الإنفاق العام، أو من خلال ما ترصده تقارير معهد استوكهولم الذي كان يضع السعودية في المرتبة الرابعة على مستوى العالم من حيث مشتريات السلاح حتى عام 2016، ثم احتلت السعودية المرتبة الثالثة على مستوى العالم في عام 2017 ثم الثانية عام 2019.

ما لا شك فيه أن الحرب على اليمن تحولت إلى معضلة بالنسبة للسعودية، فهي من بدأت الحرب منذ حوالى خمس سنوات وما زالت مشتعلة، بل هي اليوم تشكل تهديداً للسعودية حيث الصواريخ اليمنية تطول الكثير من المناطق فيها.

هذا ما يتعلق بالإنفاق السعودي، أما فيما يتعلق بقطر، تلك الدولة الصغيرة من حيث المساحة والسكان، فإن الإنفاق على التسلح فيها يتجاوز حجمها، وحسب صحيفة «واشنطن بوست» فإن قطر أنفقت 1.8 مليار دولار لتطوير قاعدة «العيديد» التي تضم أكثر من 8 آلاف جندي أمريكي، (وكان وزير الدفاع القطري خالد العطية قد صرح أكثر من مرة أن بلاده تأمل في نهاية المطاف أن تعلن واشنطن قاعدة العيديد منشأة أمريكية دائمة).

وتعد قطر أحد المشترين الرئيسيين للسلاح الأمريكي، إذ اشترت العام الماضي 36 طائرة «إف 15» بقيمة تفوق الـ 12 مليار دولار على أن تتسلمها بحلول عام 2022.. ووفقاً لبيان صدر عن النظام القطري، فإن هذه الصفقة ستدعم 50 ألف وظيفة في أمريكا وأكثر من 250 مورداً في 42 ولاية أمريكية، كما تشمل عمليات الشراء الأخيرة صواريخ «غافلين» بقيمة 200 مليون دولار وخدمات لوجستية ومعدات دعم بـ 700 مليون دولار، إضافة إلى أنظمة تسلح بـ 200 مليون دولار، وكلها تدعم أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي الأمريكي.

ولا تكتفي قطر باستيراد السلاح بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة، بل يمتد ذلك إلى دولٍ أخرى مثل إيطاليا التي ارتبطت قطر مع إحدى شركاتها باتفاقٍ قيمته 5.14 مليارات دولار، لتصنيع قطعٍ حربيةٍ من بينها «طرادات»، فضلاً عن التخطيط لبناء قاعدةٍ بحريةٍ جديدة جنوب الدوحة، وتُضاف هذه الصفقات إلى صفقتين مع بريطانيا وفرنسا لشراء 24 مقاتلة «تايفون» و12 مقاتلة «رافال».. كما اشترت من قبل أسلحة متنوعة من ألمانيا وسويسرا، وهي تحاول حالياً توقيع عقود جديدة لاستيراد السلاح من تلك الدول وغيرها.

إن الإنفاق العسكري على السلاح في كل من السعودية وقطر- برغم أنهما لا تحتاجان كل هذا التسلح- يمكن وحده أن يساهم في مئات المشاريع التنموية في الدول العربية تعود عليها بالرفاهية وتكسبها الكثير من الأموال.

المصدر : تشرين ( معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام)

اضافة تعليق