حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

هل تستطيع روسيا مناورة العقوبات الأمريكية لإعادة بناء سورية؟

كتب رسلان محمدوف مقالاً بعنوان: «هل تستطيع روسيا مناورة العقوبات الأمريكية لإعادة بناء سورية؟»، نشره المجلس الروسي للشؤون الدولية في 11 حزيران/يونيو 2019، يتحدث فيه عن الإجراءات الاقتصادية التي يمكن لروسيا من خلالها الاستثمار في سورية وإعادة بنائها.
في الوقت الذي تتطلع فيه الولايات المتحدة إلى فرض "عقوبات" جديدة على سورية، تجد روسيا على نحو متزايد أنها بحاجة إلى إيجاد حلول من شأنها دفع إعادة الإعمار إلى الأمام في مرحلة ما بعد الحرب في البلاد.
خضعت سورية لعقوبات أمريكية منذ السبعينيات. في عام 1979، انتهى الأمر بسورية في قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب التي فرضت، من بين أمور أخرى، حظراً على تصدير البضائع ذات الاستخدام المزدوج إلى سورية. ومع ذلك حافظت واشنطن على اتصالات مع دمشق. عندما تولى الرئيس بشار الأسد السلطة أوائل العقد الأول من القرن العشرين، تم النظر في فكرة رفع العقوبات في عدد من المناسبات.
في ذلك الوقت، كانت روسيا من بين الدول التي ضغطت على الولايات المتحدة لرفع العقوبات من أجل إدماج سورية في النظام المالي العالمي.
استهدفت العقوبات سورية في عهد إدارة بوش بموجب ما سُمي "قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية لعام 2003".
لكن لم تبلغ العقوبات أقصاها حتى اندلاع الأزمة السورية في عام 2011. في آب/أغسطس 2011، صدر أمر تنفيذي بحظر التجارة والتعامل بالمنتجات البترولية أو المتعلقة بها مع سورية.
أما التطورات الأخيرة فكانت حظر الولايات المتحدة شحن النفط إلى سورية عن طريق البحر، الأمر الذي وضع العديد من السفن الروسية التي تنقل النفط الإيراني تحت العقوبات. يتفاقم التحدي أكثر نتيجة العقوبات التي تواجهها روسيا نفسها، والتي تواجهها إيران. كل هذا يساهم في استمرار تعطيل الاقتصاد السوري.
على هذه الخلفية، يمكن لروسيا أن تتقدم كموّرد للنفط إلى سورية، لكن شركاتها، بما فيها المملوكة للدولة، تراقب نظام العقوبات وتشعر بالتردد في المخاطرة بانتهاكه من أجل السوق السوري الذي لا يوحي، على حد تعبير الكاتب، بأرباح على المدى القصير والمتوسط. وما يزيد من تعقيد الصورة برأيه هو تفضيل دمشق الاقتراض من إيران بدلاً من روسيا، وعدم قدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي حالياً بالنظر إلى أن أكبر حقول النفط في البلاد تقع تحت سيطرة القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.
ومع ذلك، تفكر الشركات الروسية المقيدة بالعقوبات في المشاركة بجهود إعادة البناء. الصعوبة الوحيدة هي كيفية ترتيب تحويل الأموال. لمعالجة هذه المشكلة، يجري العمل على إيجاد طرق مختلفة لتأسيس فروع لهذه الشركات الخاضعة للعقوبات داخل سورية.
واحدة من أكبر التحركات الأخيرة في هذا المجال كانت إبرام عقد استثمار بقيمة 500 مليون دولار مع شركة Stroytransgaz، وهي شركة روسية تخضع للعقوبات الأمريكية، في ميناء طرطوس. تشغل الشركة بموجبه الميناء على مدار 49 عاماً، وتوسيع بنيته التحتية.
بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل جداً أن يحتوي الجرف القاري السوري لشرق البحر المتوسط احتياطياً نفطياً. وقعت روسيا وسورية، في وقت سابق، خارطتي طريق حول التعاون في مجال الطاقة يمكن أن تعتمدهما موسكو كأساس قانوني لتطوير هذا المجال المحتمل.
قال إيفان تيموفيف، مدير البرامج في مجلس الشؤون الدولية الروسي: «تسعى روسيا لتحقيق أهداف سياسية وليست اقتصادية في سورية. بالنظر إلى السياق، فإن العقوبات ضد سورية لن تؤثر على السياسة الأساسية لموسكو».
وقال دبلوماسي روسي رفيع المستوى: «السياسة الروسية في سورية على وشك الشروع في مرحلة جديدة... بغضِّ النظر عن الأعمال العدائية المستمرة والحرب، نحن على وشك الدخول في مرحلة تخصيص الموارد والمسؤولية للإشراف على إعادة التأهيل الاقتصادي للبلاد».
في حين ترى روسيا أنَّ إعادة الإعمار في سورية هي إعادة بناء البنية التحتية المادية، تربط دول الاتحاد الأوروبي جهود إعادة الإعمار بالانتقال السياسي.
يوجد في موسكو رؤيتان متنافستان حول كيفية مساعدة سورية على الانتعاش. يقول البعض بالحاجة إلى إصلاحات سياسية ، بينما يقترح آخرون تمهيد الأرضية لإعادة انتخاب الرئيس الأسد في عام 2021. يتطلب السيناريو الأخير، بحسب الكاتب، أن تدفع موسكو نحو إصلاحات تضمن عدم انزلاق البلاد إلى دوامة أخرى من المواجهة والعداء أو الهجمات الإرهابية، تحرم روسيا من مكاسبها السياسية والدبلوماسية. وبالتالي على موسكو التحوّل من التدابير العسكرية الحصرية إلى مزيج جديد من الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية.
قال دبلوماسي روسي رفيع المستوى للمونيتور: «لا يزال على موسكو مهمة تطوير سياسة اقتصادية واحدة متماسكة بشأن سورية. يتشكل النهج الروسي حالياً بناءً على متطلبات السوق السورية والنهج العسكري والاقتصادي السابق للأزمة، هذا يحتاج إلى إعادة تفكير».
يتابع الكاتب فيقول، إعادة التفكير هذه تتطلب تحديثاً متسقاً للتشريعات الاقتصادية في سورية، بهدف جعل الاقتصاد أكثر ملاءمة للشركات الروسية متوسطة الحجم، والمشاريع المشتركة. وبالنظر إلى الحاجة إلى تعزيز موقفها على الأرض، يجب ألا تنتظر روسيا بالضرورة أن ينضم الأوروبيون إلى جهود إعادة البناء.
في هذا السياق، يمكن أن تكون روسيا مفيدة للغاية في قطاع الطاقة الكهربائية بشكل خاص. ينبغي على الوزارات والإدارات المعنية في روسيا، إلى جانب نظرائها في سورية، وضع خطة لمنح القروض لأكثر الصناعات ربحية وأهمية استراتيجية. لكن مع ذلك، لايزال بعض المسؤولين الحكوميين يتطلعون إلى الغرب بينما يعملون مع موسكو ويتحركون على مضض فيما يتعلق بتوقيع العقود مع الروس.

مركز مداد للأبحاث والدراسات
 

اضافة تعليق