حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

خيارات نتنياهو بعد الانتخابات؟

أثبتت نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة تصدر ما يُسمى «قوى اليمين» قائمة الأحزاب الصهيونية المنافسة، إذ حصل «تكتل الليكود» على 66 مقعداً بزيادة لافتة عن الانتخابات الماضية وتزامنت هذه الانتخابات مع أجواء خطيرة اتسمت بقرارات أمريكية منحازة وداعمة للاحتلال وضاربة بقرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة عرض الحائط (فيما يتعلق بالعاصمة الفلسطينية القدس، والجولان السوري المحتل) الأمر الذي سيفاقم أزمات المنطقة والتوتر الإقليمي.

تمتد سيطرة حزب الليكود اليميني على مقاليد الحكم في الكيان الصهيوني منذ عام 1977 وتردد على «الرئاسة» خلال فترات متعددة، ولكن في السنوات العشر الأخيرة بقي مُسيطراً على السياسية الإسرائيلية، والآن سيمتد حكمه إلى مرحلة زمنية إضافية برئاسة بنيامين نتنياهو الذي من المرجح جداً أن يرأس حكومة الاحتلال لفترة خامسة هي الأطول في عمر كيان الاحتلال. ومن الواضح أنه الشخص الأوفر حظاً بين الآخرين إذ حظي بالدعم والتأييد من الإدارة الأمريكية برغم التهم الموجهة إليه بقضايا فساد ورشا وتجاوزات تقوده إلى السجن. ومن المرجح أن نشاهد لاحقاً تعزيزاً للتحالف الاستراتيجي بين ترامب ونتنياهو يقود إلى المزيد من التطرف والإجراءات الاحتلالية. فقد أعلن نتنياهو صراحة رفضه قيام أي دولة على الأرض الفلسطينية، وأنه سيعمل على الاستيلاء على مساحة واسعة من الضفة الغربية، ولن يجري أي تفكيك للمستوطنات التي تتوسع في البناء والمساحة. وكذلك تأكيده على عدم التراجع عن إقراره جملة من «القوانين» العنصرية والتعسفية التي تثبت أن (إسرائيل) نظام أبارتهايد كقانون «الدولة القومية» وقانون «النكبة» وقانون «الولاء» وقانون «تمويل المنظمات غير الحكومية» وقانون «تجريم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» إضافة إلى تعزيز الصبغة الدينية للشارع الإسرائيلي وتفشي ظاهرة الفساد. بمعنى آخر، العمل على إلغاء كل الحقوق الشرعية والقومية للشعب الفلسطيني.

هذه المعطيات تشير إلى أجواء من التوتر قد ينفجر بين لحظة وأخرى، وربما تكون السيناريوهات والخطط قد تمت مناقشتها سابقاً. فكيف يُمكن للشعب الفلسطيني أن يخضع لإجراءات الاحتلال والقبول بالضغوط والممارسات الأمريكية الداعمة لهذا الاحتلال، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى فرض واقع جديد في كل المنطقة تجعل فيه العدو الإسرائيلي هو المستفيد الأول. ومن المتوقع بعد فوز نتنياهو وأحزاب اليمين وتشكيل الحكومة الجديدة أن تبدأ مرحلة مغامرات صهيو- أمريكية جديدة على قاعدة التطرف والإرهاب وتجاوز القانون الدولي بمنح ترامب «عطايا وهدايا» لنتنياهو ربما يفتتحها بالاعتراف بمايسمى «السيادة الإسرائيلية» على الضفة الغربية أو نحو ذلك مما يُفاقم الأوضاع إلى مستويات خطيرة.

مع هذا، لابدّ من وضع ملاحظات أساسية بشأن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة.. تتلخص بالآتي:

1- أفرزت الانتخابات حقائق لا لبس فيها تتعلق بفحوى التحولات الداخلية من خلال الانزياح بصورة صارخة باتجاه المزيد من التطرف، وتالياً من المتوقع أن نشهد مرحلة عاصفة على الصعيد السياسي.

2- استندت مشاورات تشكيل الحكومة الصهيونية الجديدة إلى ركيزتين اثنتين، الأولى تجديد الثقة لنتنياهو كرئيس حكومة داعم للاستيطان في الضفة الغربية مقابل ابتزاز قوى تحالف اليمين له للحصول على أكبر قدر ممكن من الامتيازات والمكاسب، وذلك بالرغم من ثلاث قضايا فساد تلاحقه.. والثانية مطلب نتنياهو بتحقيق حصانة برلمانية تعفيه من المثول أمام القضاء.

3- جاءت الانتخابات عبر رافعة دولية مُمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وعززتها نظم إقليمية خليجية بغية تهيئة المسرح السياسي الإسرائيلي لقطف منجزات كبرى تتمثل بشطب القضية الفلسطينية نهائياً، وبناء علاقات مع معظم النظم النفطية تكون فيه «إسرائيل» رأس الحربة في مخطط مواجهة محور المقاومة.. هذا هو التصور النظري، فهل من الممكن أن يُترجم عملياً وفق رؤية إدارة «ترامب- كوشنر»؟

4-من المتوقع أن تواجه حكومة الاحتلال المقبلة ثلاثة ملفات رئيسة: صفقة القرن المتوقع عرضها بعد نهاية شهر رمضان، ملف غزة لناحية التهدئة أو الحرب، وتحولات «الجبهة الشمالية» وما تمثله المقاومة الوطنية اللبنانية من خطر على كيان الاحتلال.

5- يبدو أن «قوى اليمين» الصهيوني لم تعر انتباهاً لمجريات الصراع في المنطقة بسبب عنجهيتها الاحتلالية، إذ غاب عن تلك القوى المتطرفة أن الشعوب هي الأداة المركزية الحية في تحديد مجريات الصراع.

من الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه في حال تم تشكيل الحكومة وفق تلك المعطيات، فإننا أمام حقائق جديدة للكيان الصهيوني تتمحور حول جوهر النظام السياسي الصهيوني والمواربة في شرعنة الفساد، كما أن جميع القوى السياسية الصهيونية المحسوبة على أنها تعتنق إيديولوجيات متطرفة هي قوى أكثر فساداً من القوى التي سبقتها.. ومن الحقائق أيضاً أن هذا النظام مُهدد بالتفتت من الداخل، وفي الظاهر نرى صلفاً صهيونياً واستكباراً في منتهى ذروته.. ولكن إذا نظرنا بعمق سنرى أن هذا النظام يسير نحو حتفه الحتمي.

المصدر : تشرين

 

اضافة تعليق