حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

التَّفْكيرُ في الجَوْلان: المداركُ النمطيَّةُ، وإكراهاتُ الحربِ، والمقاومةُ الممكنة؟

مَثَّلَ الجولانُ أحد عوامل أو مداخل التفسيرِ للأزمة أو الحرب في سورية. ولكنه لايزال بعد عقودٍ من الاحتلال حبيسَ مدارك نمطية ومقولات في السياسة والإعلام والثقافة؛ وبقي "مجهولاً" بالنسبة لكثيرٍ من المتلقين في سورية والمنطقة والعالم، واقعاً إما تحت مدارك غير مطابقة أو مشوهة، أو موضوعاً ضمن حيز "اللا مفكَّر فيه" بالنسبة لبعضٍ منهم، أو "المستحيل التفكير فيه" بالنسبة لبعضٍ آخرَ. ويبدو أنَّ شرائح كبيرة من المتلقين وقعت تحت تأثير ما تروِّجه "إسرائيل" ووسائط الإعلام المتحالفة معها عن الجولان والصراع بين العرب و"إسرائيل".

مَثَّلَ الجولان منذ العام 1967 إحدى عُقَدِ أو متلازمات السياسة في سورية والمنطقة، ذلك أنّه جُرحٌ لم يتمكن السوريون من معالجته، ولم يتمكن "طول المدة" ولا ثقل وتعقيدات وضغوط السياسات والحروب والنزاعات في الداخل والإقليم من جعلهم ينسوه أو يطووا صفحته. وكانت حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 محاولةً لتصحيح ما جرى في حرب حزيران/يونيو 1967، واستعادة الجولان المحتل، لكنها –بفعلِ إكراهات كثيرة– لم تتمكن إلا من استعادة جزء منه. وقد تركزت السياسات وديناميات الاحتواء والتغلغل الإقليمية والدولية على ألا تكون ثمة حرب تشرين أخرى.

ينطوي الموقف الأمريكي حيال الجولان السوريّ المحتل، على دلالات متعاكسة، فهو يمثل لحظة سوداء كالحة بالنسبة للسوريين، إذ أرادت الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن تجعلا الجولان من الماضي وتغلقا ملفه بشكل نهائي، بإعلان ضمه لـ "إسرائيل"، لكنهما في الواقع جدّدتا النظر إليه، وأدّتا إلى استعادة الموضوع وإدراجه في أول أولويات السوريين اليوم، حتى مع عدم القدرة في الوقت الراهن على القيام باستجابة قوية ومباشرة في هذا الباب.

أحال الموقف الأمريكي من الجولان إلى بروز تحديات متزايدة أمام فواعل السياسة داخل سورية نفسها، وكانَ قد عبّرَ الرئيس بشار الأسد عن أن سورية تواجه لحظة بالغة الصعوبة، وقال: إنَّ الحرب لم تنته، بل إنَّ أمام سورية مواجهة حرب مركبة تنطوي على عدة حروب في آن.

اختارت الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن تدفعا بمؤشرات وعناصر القوة إلى أقصى مدى، ويبدو أنهما تغوصان في ما تحاولان (أو تزعمان محاولة) الهرب منه، أي التهديد والخطر؛ ذلك أن إعلان ضم الجولان هو مصدر تهديد واعتداء لا ينتج إلا المواجهة والحرب ويعجل فيهما، بدلاً من أن يخفف منهما ويحتويهما. وإذا لم يشأ السوريون الاستسلام والقبول بواقع مفروض بالقوة، فليس أمامهم إلا المقاومة، والمقاومة هي سمة تاريخية وإنسانية وحضارية لدى الشعوب والأمم الحية.

السؤال: كيف يجري التفكير في الجولان، وكيف يمكن التفكير فيه، وهل فكر السوريون بالجولان: كيف وصل الأمر إلى هنا، ولماذا لم يمكن تحريره أو استعادته بالتسوية، وهل يمكنهم التفكير فيه اليوم، بحسبان حالة الحرب القائمة في سورية، بكل تبعاتها القائمة والمحتملة، وأي منطق ممكن أو ركائز ممكنة للمقاومة؟

تتألف الورقة من مقدمة وثمانية محاور، أولاً- في المقاربة، ثانياً- متلازمة الجولان، ثالثاً- استهداف من الجولان، رابعاً- تغلغل واختراق، خامساً- لحظة كالحة، سادساً- فرصة سانحة! سابعاً- روح الشعوب والأمم الحية، ثامناً- الإشارات والتنبيهات.

المصدر : مركز مداد للدراسات والأبحاث -  د. عقيل سعيد محفوض

اضافة تعليق