حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

ما سرُّ هذا الجنون الأمريكي؟

من ينظر إلى السياسة الأمريكية خلال العامين الفائتين من رئاسة ترامب يظن أنه يشاهد أفلاماً بهلوانية أو حفلات سيرك مرعبة فما إن تنتهي مفاجأة حتى تظهر مفاجأة أخرى أشد وقعاً, فبعد انسحابات أمريكية بالجملة من معاهدات واتفاقات دولية كانت الولايات المتحدة هي نفسها التي دعت إلى بعضها ووقعتها كاتفاقيات «المناخ» و«التجارة الحرة» ومنظمات «اليونيسكو» و«النافتا» و«الأونروا» وغيرها يأتي إعلان ترامب أخيراً وليس آخراً البدء بالانسحاب من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى الموقعة بتاريخ 8 كانون الأول عام 1987.

وقبل مفاجأة الانسحاب الأخيرة كانت هناك صولات وجولات لترامب في التخبط والتهديد بالحرب واستخدام القوة وشن الحروب الاقتصادية غرباً وشرقاً وفرض العقوبات على الكثير من دول العالم في القارات الخمس لم يستثن منها حتى حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية كالاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا التي هددها بتدمير اقتصادها وتحول إلى جيرانه في أمريكا الجنوبية فأطلق عملية لصوصية لاغتصاب السلطة في فنزويلا وقلب نظام الحكم فيها وتنصيب «رئيس» إمَّعة بدلاً من الرئيس الشرعي المنتخب لتكون سابقة لكل الدول التي تخالف المشيئة الأمريكية ومطامعها في أمريكا اللاتينية وغيرها.

ومع الانسحاب الأمريكي من معاهدة الصواريخ واضطرار موسكو للرد بالمثل يدخل العالم في مرحلة قد تكون أسوأ من الحرب الباردة وتتحول قارات بكاملها إلى ساحة حرب كالقارة الأوروبية ويشتعل سباق التسلح في كل مكان ما يزيد الاضطراب في العلاقات الدولية وزعزعة الاستقرار العالمي وانعدام الأمن الدولي بل يجعل العالم يحبس أنفاسه كأنه على شفير حرب شاملة في كل لحظة بسبب الممارسات الأمريكية فهل من ابتعاد عن الحكمة والعقلانية أكثر من ذلك؟ وهل من جنون أفظع من هذا؟ ويحمِّل كثيرون من داخل الولايات المتحدة وليس من خارجها مسؤولية ما وصل إليه الوضع العالمي إلى تصريحات وممارسات الرئيس ترامب المختلة.

يقول يوجين روبنسون الكاتب في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية: هناك مجانين يصرخون في الشارع ويكون كلامهم منطقياً أكثر من «تغريدات» ترامب المجنونة على موقع «تويتر» في كل صباح ومساء فإنّ «أقوى رجل في العالم» يهذي ويصرخ مثل شخص يتحدث مع حارس البوابة إن كان ينتظر ركوب الطائرة التي سيركب فيها ذاتها وهذا أمر ليس طبيعياً بل هو مثير للقلق.
لا يستبعد أن يكون السر وراء هذا الجنون الأمريكي وصول ترامب والسياسة الأمريكية إلى حد الإفلاس وفقدانها مركز القطب الأوحد واختفاء هيمنة «الآمر الناهي الوحيد» في كل شاردة وواردة في قضايا العالمة وجنون ترامب لن يعوض ما فقدته الولايات المتحدة بل سيزيد خسائرها كل يوم وعلى مختلف الصعد.

 

تشرين: د. تركي صقر

 

اضافة تعليق