حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

بطيخ العالم في اليد الأمريكية!

ربما يكون الرئيس الأمريكي «ترامب» من أكثر المغردين على «تويتر» حيث لم يقل عدد «تغريداته» عن الثماني «تغريدات» في اليوم الواحد منذ بداية دخوله المشؤوم إلى البيت الأبيض، ولعل من آخر «تغريداته» أنه سيسحب قواته من أفغانستان ومن سورية لأن تكاليف وجودها تزيد على الخمسين مليار دولار سنوياً.. ولكن ترامب لم يذكر مهام تلك القوات, والقوات الأمريكية الأخرى الموزعة على ما يقارب «900» قاعدة أمريكية خارج الحدود, ولم يذكر أيضاً مهام وزارة دفاعه التي تزيد ميزانيتها السنوية على سبعمئة مليار دولار, لكن جميع المراقبين حول العالم يؤكدون أن آلاف المليارات التي تصرفها أمريكا خارج الحدود لا تهدف إلى نشر الديمقراطية، أو تدعيم مقومات التنمية ببناء السدود وإقامة المشروعات وتأمين المناخات الآمنة للاستثمار وإنما تهدف إلى تدمير مقومات التنمية وتصعيد الخلافات وزيادة عدد بؤر التوتر، وهذا يعني أن خسائر البشر من الوجود الأمريكي خارج الحدود تبلغ أضعافاً مضاعفة عما يصرفه الأمريكيون على قواتهم الغازية.. فكم من الجسور والسدود والمصانع التي هدمتها القوات الأمريكية في سورية والعراق وأفغانستان وكم من الأرواح التي تم إزهاقها؟!

إن أمريكا تهدر آلاف المليارات لنشر الخراب والدمار والقتل والفقر, لكنها في الوقت نفسه أوقفت دفع ملايين معدودة من الدولارات لـ«يونيسيف» و«الأونروا» و«اليونيسكو» وللكثير من منظمات الأمم المتحدة، وانسحبت من معظم الاتفاقات التي يمكن أن تخفف من المعاناة المناخية والإنسانية.
وبعد انسحاب أمريكا من اتفاق باريس للمناخ أو الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني تعلق العمل بمعاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى مع روسيا مع التهديد بإلغائها بعد ستة أشهر مع أنها تعلم علم اليقين أن ذلك سيزيد من سباق التسلح، وتهديد الأمن والسلم الدوليين.
إن الإدارة الأمريكية تجر العالم وتجر نفسها إلى الهاوية, لأنها تريد الهيمنة على الاقتصاد، والسياسة، وعلى إرادة الشعوب، وتتاجر بأزمات البشر والدول، وتريد أن تحمل بطيخ العالم بيد واحدة، من دون أن تدرك أن من يريد كل شيء سوف يخسر كل شيء، ومن يضمر الشر للعالم لن يسلم منه، وأن طباخ السم لابد أن يذوقه عاجلاً أم آجلاً.
مع الإشارة إلى أن انخفاض درجة الحرارة في إحدى الولايات الأمريكية إلى ما دون 65 درجة تحت الصفر في الأسبوع الماضي والأعاصير المدمرة التي تقتل البشر وتدمر الحجر هي مجرد مؤشرات إلى أضرار أكثر كارثية نتيجة تجاهل أمريكا لاتفاقات المناخ وللجهود التي يجب أن تبذل لوقف التدهور البيئي, وأن الأخطار التي سوف تنتج عن انسحابها من الاتفاقات الأخرى سوف تصيبها كما تصيب الآخرين.

تشرين: محي الدين المحمد

اضافة تعليق