حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

الرئيس الأسد: لم يعد بالإمكان تزوير الوقائع والأحداث من قبل الأطراف الإقليمية والدولية التي أرادت زعزعة استقرار سورية. نسعى إلى حكومة موسعة من السياسيين والتقنيين تمثل أطياف المجتمع كله

ألقى السيد الرئيس بشار الأسد خطاباً قبل ظهر أمس حول القضايا الداخلية والأوضاع محلياً وإقليمياً في مدرج جامعة دمشق وفيما يلي نصه الكامل..

أعلم أنني غبت فترة طويلة عن الإعلام لكنني اشتقت لمثل هذه اللقاءات للتواصل المباشر مع المواطنين لكني كنت دائماً أقوم بمتابعة الأمور اليومية وتجميع المعطيات كي يكون كلامي مبنياً على ما يقوله الشارع.

وأضاف الرئيس الأسد.. أحييكم تحية العروبة التي ستبقى عنواناً لانتمائنا وملاذاً لنا في الملمات كما سنبقى قلبها النابض بالمحبة والعنفوان.. وأحييكم تحية الوطن الذي سيبقى مصدر فخرنا واعتزازنا كما سنبقى أوفياء لقيمه الأصيلة التي ضحى من أجلها الآباء والأجداد كي يبقى شامخا مستقلا وأحيي صمودكم لتبقى سورية قلعة حصينة في مواجهة جميع أشكال الاختراق.. حرة ضد الارتهان للأجنبي.

وقال الرئيس الأسد.. أتحدث إليكم اليوم بعد مضي عشرة أشهر على اندلاع الأحداث المؤسفة التي أصابت الوطن وفرضت ظروفاً مستجدة على الساحة السورية.. هذه الظروف التي تمثل لنا جميعا امتحاناً جدياً في الوطنية لا يمكن النجاح فيه إلا بالعمل الدؤوب وبالنوايا الصادقة المبنية على الإيمان بالله وبأصالة شعبنا وبمعدنه النقي والذي صقلته العصور فجعلته أشد متانة وأكثر إشراقاً.

وأضاف الرئيس الأسد.. وإن كانت هذه الأحداث كلفتنا حتى اليوم أثماناً ثقيلة أدمت قلبي كما أدمت قلب كل سوري فإنها تفرض على أبناء سورية مهما كانت اتجاهاتهم وانتماءاتهم أن يتخذوا سبيل الحكمة والرشاد وأن يستنيروا بإحساسهم الوطني العميق كي ينتصر الوطن بكليته بتوحدنا وبتآخينا وبسمونا عن الآفاق الضيقة والمصالح الآنية.. بارتقائنا إلى حيث هي قضايانا الوطنية النبيلة.. فهذا هو قدرنا وهنا تكمن قوة وطننا وعظمة تاريخنا.

التآمر الخارجي لم يعد خافياً على أحد لأن ما كان يخطط في الغرف المظلمة بدأ يتكشف أمام أعين الناس واضحاً جلياً

وقال الرئيس الأسد.. إن التآمر الخارجي لم يعد خافيا على أحد لأن ما كان يخطط في الغرف المظلمة بدأ يتكشف أمام أعين الناس واضحاً جلياً ولم يعد الخداع ينطلي على أحد إلا على من لا يريد أن يرى ويسمع.. فالدموع التي ذرفها على ضحايانا تجار الحرية والديمقراطية لم تعد قادرة على إخفاء الدور الذي لعبوه في سفك دمائها للمتاجرة بها.. ولم يكن من السهل في بداية الأزمة شرح ما حصل فقد كانت الانفعالات وغياب العقلانية عن الحوار بين الأفراد هي الطاغية على الحقائق أما الآن فقد انقشع الضباب ولم يعد بالإمكان تزوير الوقائع والأحداث من قبل الأطراف الإقليمية والدولية التي أرادت زعزعة استقرار سورية.

وتابع الرئيس الاسد.. إن الأقنعة سقطت الآن عن وجوه هذه الأطراف وبتنا أكثر قدرة على تفكيك البيئة الافتراضية التي أوجدوها لدفع السوريين نحو الوهم ومن ثم السقوط.. كان يراد لهذه البيئة الافتراضية أن تؤدي إلى هزيمة نفسية ومعنوية تؤدي لاحقاً إلى الهزيمة الحقيقية.. كان المطلوب أن نصل من هذه الهجمة الإعلامية غير المسبوقة إلى حالة من الخوف وهذا الخوف الذي يؤدي إلى شلل الإرادة وشلل الإرادة يؤدي إلى الهزيمة.

هناك أكثر من ستين محطة تلفزيونية في العالم مكرسة للعمل ضد سورية

وقال الرئيس الأسد.. الآن هناك أكثر من ستين محطة تلفزيونية في العالم مكرسة للعمل ضد سورية البعض منها يعمل ضد الداخل السوري والبعض منها يعمل لتشويه صورة سورية في الخارج.. وهناك العشرات من مواقع الانترنت والعشرات من الصحف والوسائل الإعلامية المختلفة.. يعني نحن نتحدث عن المئات من وسائل الإعلام.. كان الهدف أن يدفعونا باتجاه حالة من الانهيار الذاتي كي يوفروا على أنفسهم الكثير من المعارك وفشلوا في هذا الموضوع ولكنهم لم ييئسوا.

وتابع الرئيس الأسد.. إن إحدى المحاولات التي تعرفونها هي ما قاموا به معي شخصياً بمقابلتي مع القناة الأميركية وأنا لا أشاهد نفسي على التلفاز نهائيا منذ أن أصبحت رئيساً.. لم أرَ نفسي لا في مقابلة ولا في خطاب.. لا أشاهد نفسي على التلفزيون.. وفي هذه المرة شاهدت نفسي وعندما شاهدت نفسي كدت أصدق ما أقوله.. أنا قلت الكلام فإذا كانوا قادرين على إقناعي بالكذبة ما هو الوضع بالنسبة للآخرين.. لحسن الحظ كان لدينا نسخة أصلية.. هم تجرؤوا وفعلوا هذا الشيء لأنهم يعتقدون أنه لا توجد نسخة أصلية ولو لم يكن لدينا نسخة أصلية نعرضها على المواطنين ونقوم بعملية مقارنة ولو تحدثت في هذا المكان لساعات وأنا أقول لكم أنا لم أقل هذا الكلام لكان من الصعب لأي شخص أن يصدق عملية الفبركة المتقنة التي قاموا بها.

وقال الرئيس الأسد.. طبعاً هم يهدفون إلى شيء وحيد.. عندما فشلوا في خلق حالة انهيار على مستوى سورية.. على المستوى الشعبي أو المؤسساتي.. أرادوا أن يصلوا إلى رأس الهرم في الدولة لكي يقولوا للمواطنين وطبعاً ليقولوا للغرب.. إن هذا الشخص يعيش في قوقعة لا يعرف ما الذي يحصل وليقولوا للمواطنين وخاصة الموجودين في الدولة.. إذا كان رأس الهرم يتهرب من المسؤولية ويشعر بالانهيار فمن الطبيعي أن يفرط العقد.

وأضاف الرئيس الأسد.. إن المحاولات مستمرة لا تنتهي.. مرة الرئيس سافر ومرة هاجر وهذا الكلام الذي تعرفونه يعني بما معناه الرئيس يتخلى عن المسؤولية وهذا ما يحاولون تسويقه.. نقول لهم خسئتم لست أنا من يتخلى عن مسؤولياته.

وتابع الرئيس الأسد.. عندما كنت أشرب الماء في الخطاب الماضي كانوا يقولون الرئيس متوتر.. لا في الأزمات ولا في الأحوال العادية.. نحن دائماً نستبق الاصطياد في الماء العكر.. سيستخدمون هذه الكلمة ليقولوا الرئيس السوري يعلن بأنه لن يتنازل عن المنصب وهم يخلطون بين المنصب والمسؤولية وأنا قلت في عام 2000 أنا لا أسعى إلى منصب ولا أهرب من مسؤولية.. المنصب ليس له قيمة هو مجرد أداة ومن يسع الى منصب لا يحترم.

وقال الرئيس الأسد.. نحن نتحدث الآن عن المسؤولية وهذه المسؤولية أهميتها بالدعم الشعبي فأنا أكون في هذا الموقع بدعم من الشعب وعندما أترك هذا الموقع يكون أيضاً برغبة من هذا الشعب وهذا الموضوع محسوم.. ومهما سمعتم كلاما فأنا في سياساتي الخارجية وفي كل المواقف استندت إلى الدعم الشعبي وإلى البوصلة الشعبية.. ولكن ماذا نستفيد من موضوع المقابلة مع المحطة الأميركية في الإطار الإعلامي.. وكان هناك سؤال متكرر عن حسن نية لدى الكثيرين من داخل سورية ومن خارجها.. لماذا لم نكن نسمح للإعلام أن يدخل إلى سورية.. الحقيقة خلال الشهر أو الشهر ونصف الشهر من بداية الأزمة كان الإعلام الأجنبي والعربي حراً تماماً في التحرك داخل سورية ولكن كل الفبركات الإعلامية والحالة السياسية والإعلامية التي بنيت ضد سورية بنيت على تلك المرحلة وعلى ذلك التزوير ولكن هناك فرق بين أن تزور الحقيقة من داخل سورية وتأخذ مصداقية وبين أن تزور من خارج سورية وتكون المصداقية أقل لذلك أخذنا قراراً بألا نغلق الباب ولكن أن تكون هناك انتقائية في دخول الإعلام على الأقل لنضبط نوعية المعلومات أو نوعية التزوير الذي يخرج خارج الحدود.

الانتصار قريب جدا طالما أننا قادرون على الصمود واستثمار نقاط قوتنا وما أكثرها ومعرفة نقاط ضعف الخصوم وهي أكثر 

وتابع الرئيس الأسد.. صبرنا وصابرنا في معركة غير مسبوقة في تاريخ سورية الحديث فما ازددنا إلا صلابة وإن كانت هذه المعركة تحمل في طياتها مخاطر كبيرة وتحديات مصيرية فإن الانتصار فيها قريب جدا طالما أننا قادرون على الصمود واستثمار نقاط قوتنا وما أكثرها ومعرفة نقاط ضعف الخصوم وهي أكثر.

وقال الرئيس الأسد.. إن وعيكم الشعبي المبني على الحقائق لا على التهويل ولا التهوين ولا على المبالغات ولا التبسيط كان له الدور الأهم في كشف المخطط والتضييق عليه تمهيدا لإفشاله تماماً وفي سعينا لتفكيك تلك البيئة الافتراضية بادرنا بالحديث بشفافية عن تقصير هنا وخلل أو تأخير هناك وفي بعض المجالات حرصاً منا على أهمية الوضع الداخلي في التصدي لأي تدخلات خارجية.. وأنا أقصد في الخطابات السابقة عندما كنت أتحدث عن أخطاء.. لكننا لم نقصد مطلقا التقليل من أهمية تلك المخططات الخارجية ولا أعتقد أن عاقلاً يستطيع اليوم إنكار تلك المخططات التي نقلت أعمال التخريب والإرهاب إلى مستوى آخر من الإجرام استهدف العقول والكفاءات والمؤسسات بهدف تعميم حالة الذعر وتحطيم المعنويات وإيصالكم إلى حالة اليأس الذي من شأنه أن يفتح الطريق أمام ما خطط له خارجياً ليصبح واقعاً لكن هذه المرة بأياد محلية.

وأضاف الرئيس الأسد.. لقد بحثوا في البداية عن الثورة المنشودة فكانت ثورتكم ضدهم وضد مخربيهم وأدواتهم وهب الشعب منذ الأيام الأولى قاطعاً الطريق عليهم وعلى أزلامهم وعندما صعقتهم وحدتكم حاولوا تفكيكها وتفتيتها باستخدام سلاح الطائفية المقيت بعد أن غطوه برداء الدين الحنيف.. وعندما فقدوا الأمل بتحقيق أهدافهم انتقلوا إلى أعمال التخريب والقتل تحت عناوين وأغطية مختلفة كاستغلال بعض المظاهرات السلمية واستغلال ممارسات خاطئة حصلت من قبل أشخاص في الدولة فشرعوا بعمليات الاغتيال وحاولوا عزل المدن وتقطيع أوصال الوطن وسرقوا ونهبوا ودمروا المنشآت العامة والخاصة وبعد تجريب كل الطرق والوسائل الممكنة في عالم اليوم.. مع كل الدعم الإعلامي والسياسي الإقليمي والدولي.. لم يجدوا موطئ قدم لثورتهم المأمولة.

الدول العربية ليست واحدة في سياساتها تجاه سورية

وتابع الرئيس الأسد.. هنا أتى دور الخارج بعد أن فشلوا في كل محاولاتهم.. لم يكن هناك خيار سوى التدخل الخارجي.. وعندما نقول الخارج عادة يخطر ببالنا الخارج الأجنبي.. مع كل أسف أصبح هذا الخارج مزيجا من الأجنبي والعربي وأحيانا وفي كثير من الحالات يكون هذا الجزء العربي أكثر عداءً وسوءاً من الجزء الأجنبي وأنا لا أريد التعميم.. الصورة ليست بهذه السوداوية.. الدول العربية ليست واحدة في سياساتها.. هناك دول حاولت خلال هذه المرحلة أن تلعب دوراً أخلاقياً موضوعياً تجاه ما يحصل في سورية.. وهناك دول بالأساس لا تهتم كثيراً بما يحصل بشكل عام يعني تقف على الحياد في معظم القضايا.. وهناك دول تنفذ ما يطلب منها.. الغريب أن بعض المسؤولين العرب معنا في القلب وضدنا في السياسة.. وعندما نسأل لماذا.. يقول أنا معكم ولكن هناك ضغوطا خارجية.. يعني هو إعلان شبه رسمي بفقدان السيادة.. ولا نستغرب أن يأتي يوم تربط الدول سياساتها بسياسات دول خارجية على طريقة ربط العملة بسلات عملات خارجية وعندها يصبح الإستغناء عن السيادة هو أمر سيادي.

وقال الرئيس الأسد.. الحقيقة هي ذروة الانحطاط بالنسبة للوضع العربي ولكن دائماً أي انحطاط هو الذي يسبق النهوض.. عندما ننتقل من الاستقلال الأول وهو التحرير الأول الذي حصل عندما جلا المستعمر عن أراضيها.. ننتقل الى الاستقلال الثاني وهو استقلال الإرادة وهذا الاستقلال سنصل إليه عندما تأخذ الشعوب العربية زمام المبادرة في الأوطان العربية بشكل عام.. لأن ما نراه من سياسات رسمية لا يعكس نهائيا ما نراه على الساحات الشعبية في العالم العربي.

وأضاف الرئيس الأسد.. إن هذا الدور العربي الذي رأيناه الآن بشكل مفاجئ لا نراه عندما تكون هناك أزمة أو ورطة بدولة عربية ما ولكن نراه بأفضل حالاته عندما تكون هناك ورطة لدولة أجنبية.. لدولة كبرى.. وغالبا ما يكون إنقاذ تلك الدولة من ورطتها على حساب دولة أو دول عربية وغالباً ما يكون من خلال تدمير دولة عربية.. وهذا ما حصل في العراق وليبيا.. وهذا ما نراه الآن في الدور العربي تجاه سورية.. فبعد أن فشلوا في مجلس الأمن لعدم إمكانية إقناع العالم بأكاذيبهم كان لا بد من غطاء عربي.. وكان لا بد من منصة عربية ينطلقون منها.. فهنا أتت هذه المبادرة.

وقال الرئيس الأسد.. الحقيقة أنا من طرح المبادرة وموضوع المراقبين في لقائي مع وفد الجامعة العربية منذ عدة أشهر وقلنا طالما أن المنظمات الدولية أتت إلى سورية واطلعت على الحقائق وكان هناك رد فعل إيجابي.. على الأقل يطلع على الأمور.. ونحن لا نقول الأمور كلها إيجابية.. يرون الإيجابي ويرون السلبي ونحن لا نريد أكثر من معرفة الحقيقة كما هي فالأحرى بالعرب أن يرسلوا وفدا لكي يطلع على ما يحصل في سورية.. وطبعا لم يكن هناك أي اهتمام بهذا الطرح الذي طرحته سورية وفجأة بعد عدة أشهر نرى أن هذا الموضوع أصبح هو محل اهتمام عالمي.. ليس اهتماماً مفاجئاً بما طرحناه على الإطلاق وإنما لأن المخطط بدأ من الخارج تحت هذا العنوان.

وتابع الرئيس الأسد.. بكل الأحوال استمرينا بالحوارات مع الجهات المختلفة وتحدث وزير الخارجية بمؤتمراته الصحفية حول تفاصيل لن أكررها.. وكنا نركز على شيء وحيد هو سيادة سورية.. وكنا ننظر على اعتبار أن المواطن العربي والمسؤول العربي والمراقب العربي مهما يكن.. على سوء الوضع العربي.. يبقى لديه عواطف تجاهنا.. يعني نحن نبقى عرباً نتعاطف مع بعضنا البعض.

وقال الرئيس الأسد.. لماذا بدؤوا المبادرة العربية.. نفس الدول التي تدعي الحرص على الشعب السوري كانت في البداية تنصحنا بموضوع الإصلاح.. طبعاً هي لا يوجد لديها أدنى معرفة بالديمقراطية وليس لها تراث في هذا المجال ولكن كانوا يعتقدون بأننا لن نسير باتجاه الإصلاح وسيكون هناك عنوان لهذه الدول لكي تستخدمه دوليا بأن هناك صراعاً داخل سورية بين دولة لا تريد الإصلاح وشعب يريد أن يصلح أو أن يتحرر أو ما شابه.

لو أردنا أن نتبع الدول التي تعطينا نصائح فعلينا أن نعود باتجاه الخلف على الأقل قرنا ونصف القرن 

وأضاف الرئيس الأسد.. عندما قمنا بالإصلاح كان هذا الشيء مربكاً بالنسبة لهم فانتقلوا إلى موضوع الجامعة العربية أو المبادرة العربية.. والحقيقة لو أردنا أن نتبع هذه الدول التي تعطينا نصائح فعلينا أن نعود باتجاه الخلف على الأقل قرنا ونصف القرن.. ما الذي حصل منذ قرن ونصف القرن.. عندما كنا جزءا من الإمبراطورية العثمانية تشكل أول برلمان ونحن كنا جزءاً من هذه الإمبراطورية.. المفروض أننا معنيون فيه بشكل أو بآخر.. أول برلمان افتتح في عام 1877 وإذا وضعنا هذا الأمر جانبا فأول برلمان في سورية كان في عام 1919 يعني أقل من قرن بقليل.. فتخيلوا هذه الدول التي تريد أن تنصحنا بالديمقراطية.. أين كانت في ذلك الوقت.. وضعهم كوضع الطبيب المدخن الذي ينصح المريض بترك السيجارة وهو يضعها في فمه.

وتابع الرئيس الأسد.. بالمحصلة كان رد الفعل العربي أو الشعبي في سورية تجاه موضوع الجامعة العربية الغضب.. الحقيقة أنا لم أغضب.. لماذا أغضب من شخص لا يمتلك قراره.. إذا قام شخص بالهجوم علينا بسكين ونحن ندافع فنحن لا نصارع السكين.. نحن نصارع الشخص.. السكين مجرد أداة.. فصراعنا ليس مع هؤلاء.. صراعنا مع من يقف خلفهم.. كان رد الفعل الشعبي غضباً واستياءً واستغراباً.. لماذا لم يقف العرب مع سورية بدل أن يقفوا ضد سورية.. أنا أسأل سؤالاً متى وقفوا مع سورية.. لن أعود بعيداً في الماضي.. لكن لنتحدث فقط عن السنوات القليلة الماضية.. لنبدأ في حرب العراق بعد الغزو عندما بدأ التهديد تجاه سورية بالقصف والاجتياح وكل هذا الكلام.. من وقف مع سورية... في عام 2005 عندما استغلوا اغتيال الحريري من وقف مع سورية.. في عام 2006 ومواقفنا من العدوان الإسرائيلي على لبنان.. في 2008 في موضوع الملف في هيئة الطاقة الذرية في الملف النووي المزعوم من وقف معنا... الدول العربية تصوت ضدنا.. هذه الحقائق ربما غير معروفة للكثير من المواطنين ولكن في هذه المفاصل وهذه الحالات لا بد من شرح كل شيء.. في موضوع حقوق الإنسان مؤخراً الدول العربية تصوت ضد سورية.. بالمقابل دول غير عربية تقف مع سورية.. فلذلك علينا ألا نستغرب.. يعني ألا نفاجأ بوضع الجامعة.

وقال الرئيس الأسد.. إن الجامعة العربية هي مجرد انعكاس للوضع العربي.. هي مرآة لحالتنا العربية المزرية فإذا كانت قد فشلت خلال أكثر من ستة عقود في إنجاز موقف يصب في المصلحة العربية فلماذا نفاجأ بها اليوم والسياق العام هو ذاته لم يتغير ولم يتبدل سوى أنه يسير بالوضع العربي من سيىء إلى أسوأ وما كان يحدث بالسر أصبح يحصل بالعلن تحت شعار مصلحة الأمة.

وأضاف الرئيس الأسد.. هل استقلت الجامعة عمليا بدولها.. وبالتالي بذاتها وهل نفذت قراراتها يوما ومسحت عنها غبار الأدراج وتمكنت من تحقيق ولو جزء يسير من طموحات الشعوب أم هي ساهمت بشكل مباشر في زرع بذور الفتنة والفرقة.. وهل احترمت ميثاقها ودافعت عن دول أعضاء فيها انتهكت أراضيها أو حقوق شعبها.. وهل أعادت شجرة زيتون واحدة اقتلعتها إسرائيل أو منعت هدم بيت عربي واحد في فلسطين العربية المحتلة.. وهل منعت تقسيم السودان أو حالت دون مقتل أكثر من مليون عراقي أو أطعمت جائعاً في الصومال.

وتابع الرئيس الأسد.. نحن اليوم لسنا في صدد الهجوم على الجامعة لأننا جزء منها وإن كنا في زمن الانحطاط العربي ولا أتحدث لأن الجامعة أو لأن الدول العربية اتخذت قراراً بإخراج سورية أو بتجميد عضويتها فهذا الموضوع لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد وإنما أتحدث لأنني لاحظت مدى الإحباط الشعبي الذي يجب أن نضعه في إطاره الطبيعي.. فالجامعة حكم عليها منذ زمن طويل وعندما كنا نجلس في القمم العربية كنا نسمع الذم والقدح وتتردد أصداؤه داخل قاعات المؤتمرات وكنا نتحدث به كمسؤولين عرب بشكل صريح ولكن البعض يخجل والبعض منا لا يعنيه هذا الموضوع.. إذا الخروج من الجامعة العربية أو تعليق العضوية وكل هذا الكلام ليس القضية.. والسؤال من يخسر هل تخسر سورية أم تخسر الجامعة العربية.. بالنسبة لنا خاسرون مع الدول العربية طالما أن الوضع العربي سيىء وهذه حالة مزمنة ولا شيء جديداً ولا يوجد ربح.. ونحن نعمل منذ سنوات لتخفيف الخسائر لأن الأرباح غير ممكنة ولكن خروج سورية من الجامعة العربية يطرح سؤالاً.. هل يمكن للجسد أن يعيش من دون قلب.. ومن قال ان سورية هي قلب العروبة النابض ليس سورياً بل جمال عبد الناصر هو من قال هذا الكلام وما زال مستمراً.

الجامعة بلا سورية تصبح عروبتها معلقة

وأضاف الرئيس الأسد.. بالنسبة للكثير من العرب لديهم قناعة بهذا الموضوع والعروبة.. بالنسبة لسورية ليست شعاراً بل هي ممارسة.. فمن أكثر من سورية قدم للقضايا القومية ودفع الثمن وما زال.. ومن أكثر من سورية قدم للقضية الفلسطينية تحديدا.. ومن أكثر من سورية قدم للتعريب في كل مكان.. في الإعلام.. وحتى أن هناك تشددا في التعريب وفي المناهج التربوية.. ومن يقدم للعروبة أكثر.. ومن قام بعملية التعريب والإصرار على الثقافة العربية في مناهجه كما هي سورية الآن في كل الجامعات والمدارس.

وتابع الرئيس الأسد.. إن القضية بالنسبة لنا إذا ليست شعاراً وإذا كانت بعض الدول تسعى لتعليق عروبتنا في الجامعة فنحن نقول.. إنهم يعلقون عروبة الجامعة ولا يستطيعون تعليق عروبة سورية.. فالجامعة بلا سورية تصبح عروبتها معلقة.

وقال الرئيس الأسد.. إذا كان البعض يعتقد أنه يستطيع أن يخرجنا من الجامعة فانه لا يستطيع إخراجنا من العروبة لان العروبة ليست قراراً سياسياً بل هي تراث وتاريخ.. أما تلك الدول التي تعرفونها فهي لم تدخل العروبة ولن تدخلها لأنها لا تملك تراثاً ولا تقرأ التاريخ وإذا كانوا يعتقدون أنهم بالمال يشترون بعض الجغرافيا ويستأجرون ويستوردون بعض التاريخ من هناك فنقول لهم.. إن المال لا يصنع أمما ولا يخترع حضارات وبالتالي وبحسب ما سمعت من كثير من السوريين.. وأنا أوافق حول هذه النقطة.. ربما بموقعنا الحالي نكون أكثر حرية في ممارسة عروبتنا الحقيقية والصافية التي كان المواطن السوري أفضل من يعبر عنها عبر تاريخه.

وأضاف الرئيس الأسد.. لذلك نستطيع أن نقول انهم بهذه المحاولة قد لا يركزون كثيراً على إخراج سورية من الجامعة وإنما يركزون أكثر على تعليق العروبة لكي يبقى اسمها فقط جامعة عربية ولكنها لن تكون لا جامعة ولا عربية وإنما ستكون جامعة مستعربة لكي تتناسب مع سياساتهم ومع الدور الذي يقومون به على الساحة العربية.. وإلا كيف نفسر هذا اللطف غير المعقول وغير المسبوق مع العدو الصهيوني في كل ما يمارس.. وهذا الحسم والتشدد مع سورية.. ونحن نسعى منذ سنوات لتفعيل مكتب مقاطعة إسرائيل ودائما تأتينا الأعذار بأن هذا الشيء لم يعد مقبولا في هذا الوقت.. ولكن خلال أسابيع يفعلون مقاطعة سورية أي أن هدفهم استبدال سورية بإسرائيل وهذا مجرد نموذج ونحن لسنا ساذجين ونعرف هذا الوضع العربي منذ زمن طويل ولم نتعلق بأوهام وأردنا من صبرنا على هذه الممارسات قبل الأزمة وخلالها بأن تظهر لمن لديه شكوك حول سوء النوايا المنمقة والمغلفة بكلام جميل أن تظهر لهم سوء النوايا وخبث الأهداف وأعتقد أنها الآن أصبحت واضحة للكثيرين.

لن نغلق أي باب على أي مسعى عربي طالما أنه يحترم سيادة بلادنا واستقلالية قرارنا ويحرص على وحدة شعبنا

وتابع الرئيس الأسد.. كنا ندرك كل ذلك ولكننا من منطلق العروبة الصادقة واستعادة الفكرة الأساسية للجامعة العربية والتي تساندنا فيها بعض الدول الشقيقة الحريصة على أن تعود الجامعة العربية جامعة وعربية لم نغلق الباب على الحلول والاقتراحات ولن نغلق أي باب على أي مسعى عربي طالما أنه يحترم سيادة بلادنا واستقلالية قرارنا ويحرص على وحدة شعبنا.

وقال الرئيس الأسد.. إن كل هذه التراكمات السلبية على الساحة العربية على مدى عقود يضاف إليها الحالة الراهنة أدت إلى أن يصب البعض من مواطنينا جام غضبهم على العروبة التي التبست مع الجامعة أو مع أداء بعض المستعربين على نحو خاطئ إلى حد تنكرهم لها.

وأضاف الرئيس الأسد.. إن وطننا العربي بتنوعه الواسع يرتكز ببنيته الاجتماعية على دعامتين قويتين متكاملتين بأبعادهما الحضارية هما العروبة والإسلام.. وكلتاهما عظيم وغني وضروري.. ولا يمكن بالتالي أن نحملهما وزر الممارسات البشرية الخاطئة كما أن التنوع الإسلامي والمسيحي في بلادنا هو دعامة عروبتنا وأساس قوتنا.. وعندما نغضب من العروبة أو نتنكر لها بسبب ما قام به البعض على هذه الساحة العربية الواسعة.. ففي ذلك تجن كبير.. فكما رفضنا تعميم أخطاء بعض المسؤولين على البلاد كلها لا يجب تعميم أخطاء بعض المستعربين على العروبة.. نحن الآن ما نقوم به كرد فعل تجاه العروبة.. كما قام الغرب به تجاه الإسلام وخاصة بعد 11 أيلول.

وتابع الرئيس الأسد.. نحن نقول ان هناك شريعة عظيمة هي الإسلام وهناك إرهابي يتغطى بالإسلام فعمن نبتعد.. عن الشريعة أم عن الإرهاب.. نذم الشريعة أم نذم الإرهابي.. نحارب الدين الإسلامي أم نحارب هذا الإرهاب .. الجواب واضح .. لا ذنب للإسلام عندما يوجد إرهابي يغطي نفسه أو يلبس عباءة الإسلام.

وأضاف الرئيس الأسد.. إن الدين المسيحي دين المحبة والسلام فما ذنبه في حروب شنت تحت عنوان الدين المسيحي وفي جرائم ارتكبت في قلب أمريكا أو الدول الأوروبية من ناس يدعون التمسك بقيم هذا الدين.. لا ذنب لهم وذات الشيء بالنسبة للعروبة.. لا يجوز أن نربط بين العروبة وبين ما يقوم به البعض من المستعربين وإلا فإننا نذهب باتجاه الخطيئة الكبرى.. هناك أشياء وجدت من خلال سياق تاريخي لا نستطيع برد فعل أو بقرار.. لأنها لم تأت بقرار.. أن نغيرها.. هناك سياق تاريخي وهناك إرادة إلهية بالنسبة للأديان والقومية لا يجوز أن نتعامل معها برد الفعل.

وتابع الرئيس الأسد.. إن رد الفعل الأول كان طرح سورية أولا ومن الطبيعي أن تكون سورية أولاً فأي شخص ينتمي لوطنه قبل أن ينتمي لأي وطن آخر ولا يجوز أن يكون الوطن ثانياً ولا ثالثاً ولا رابعاً ولكن السياق الذي طرح فيه هو سياق انعزالي يعني سورية فقط.. لم تكن سورية أولاً وإنما كانت تعني أن سورية فقط.

وقال الرئيس الأسد.. إن كل إنسان ينتمي لمدينته أكثر من باقي المدن .. يرتبط بها بشكل طبيعي .. وكل إنسان يحب القرية التي عاش وتربى فيها أكثر من باقي القرى ولكن الأولى والثانية لا تتناقض ولا تمنع أن يكون هذا الإنسان وطنيا ويحب كل الوطن.. فأن نكون سوريين لا يمنعنا بأن نكون عرباً وإذا كنا عرباً لا يوجد تناقض بين عروبتنا وسوريتنا.

وأضاف الرئيس الأسد.. لذلك علينا أن نؤكد على هذه النقطة بأن العلاقة بين العروبة والوطنية هي علاقة وثيقة وضرورية للمستقبل وللمصالح ولكل شيء وهي ليست قضية رومانسيات ولا مبادئ فقط بل هي مصالح .. فإذا فصلنا هذا الأمر عن ردة الفعل فعلينا أن نعرف دائما أن العروبة هي انتماء لا عضوية.. العروبة هي هوية يمنحها التاريخ لا شهادة تمنحها منظمة.. العروبة هي شرف يتمثل بالشعوب العربية وليست عاراً يحمله البعض من المستعربين على الساحات السياسية في العالم أو في الوطن العربي.

وتابع الرئيس الأسد.. قد يقول البعض ان كل هذا الكلام عن العروبة.. ونحن نتحدث عن العرب والعروبة.. لا يوجد في سورية إلا عرباً.. فأقول.. من قال إننا نتحدث عن عرق عربي.. لو كانت العروبة هي فقط عرق عربي لما كان لدينا الكثير لكي نفخر به.. فآخر شيء في العروبة هو العرق.. والعروبة هي حالة حضارية وهي المصالح المشتركة والتاريخ المشترك والإرادة المشتركة والأديان المشتركة وهي كل شيء مشترك بين القوميات المختلفة التي تتواجد على هذه الساحة وآخر شيء العرق .. وقوة هذه العروبة هي في تنوعها وليس في انعزالها ولونها الواحد.

وتابع الرئيس الأسد.. إن العروبة لم تبن من قبل العرب.. العروبة بنيت من كل من ساهم في بنائها من الأصول غير العربية التي تشكل هذا المجتمع الغني الذي نعيش فيه.. قوة العروبة بغناها.. لو كانت هناك مجموعة من الأصول غير العربية وأرادت اليوم أن تغير تقاليدها وعاداتها أو تستغني عنها أو تذوب فسنقف في وجهها ونقول.. لا نقبل بهذا الأمر لأنكم تضعفون العروبة.. فإذا.. نحن قوتنا في العروبة بالانفتاح والتنوع وإظهار مكوناتها وليس بدمجها لكي تظهر وكأنها مكون واحد لأن العروبة اتهمت ظلماً عبر عقود بأنها شوفينية وهذا الكلام غير صحيح وإذا كان هناك شخص شوفيني لا يعني بأن العروبة شوفينية بل هي حالة حضارية.

وقال الرئيس الأسد.. إن كل ما سبق لن يؤثر على رؤيتنا للوضع الداخلي في سورية وكيفية التعامل معه ولا شك أن الأحداث الراهنة وتداعياتها قد طرحت كماً هائلاً من التساؤلات والأفكار التي تهدف إلى إيجاد حلول مختلفة للوضع الحالي الذي تمر به سورية وإذا كان الأمر طبيعيا وبديهيا إلا أنه لا يمكن أن يكون إيجابياً وناجعاً إلا عندما ينطلق من ضرورة مواجهة المشكلة وليس الهروب منها .. أي عندما ينطلق من الشجاعة لا من الذعر ومن الإقدام لا من الهروب إلى الأمام.

وأضاف الرئيس الأسد.. إذا أردنا أن نتحدث في الشأن الداخلي واعتقد هو محور الاهتمام بالنسبة للسوريين الآن لابد من أن نحدد الأمور.. فهناك أفكار كثيرة وقد تكون جيدة ولكن إن لم يكن هناك إطار لهذه الأفكار تصبح أفكارا بلا فائدة وأحيانا تصبح أفكارا ضارة فبدلا من أن تسير الأفكار باتجاه واحد تتناقض وتتصارع .. لذلك دعونا نضع بعض التعاريف قبل أن ندخل في التفاصيل.

لا يمكن أن نقوم بعملية إصلاح داخلي بدون التعامل مع الوقائع

وتابع الرئيس الأسد.. أولا لا يمكن أن نقوم بعملية إصلاح داخلي بدون التعامل مع الوقائع كما هي على الأرض سواء أعجبتنا أم لم تعجبنا.. لا نستطيع أن نتعلق بقشة في الهواء فلا القشة تحمل ولا الهواء يحمل وهذا يعني السقوط.. البعض تحت ضغط الأزمة يتحدث عن أي حل ويطالب بأي حل.. ولن نقوم بأي حل قد يؤدي بالبلد إلى الهاوية أو قد يؤدي إلى تعميق الأزمة وإلى الدخول في نفق لا يمكن الخروج منه.. لذلك ضغط الأزمة لا يدفعنا للقيام بأي خطة حتى لو كان الزمن ضروريا لكنه ليس أهم من نوعية الحل الذي نقوم به.

وقال الرئيس الأسد.. نحن اليوم نتعامل مع جانبين في الإصلاح الداخلي.. الأول هو الإصلاح السياسي والجانب الآخر هو مكافحة الإرهاب الذي انتشر بشكل كبير مؤخراً في مناطق مختلفة من سورية.. ففي العملية الإصلاحية هناك من يعتقد بأن ما نقوم به الآن هو طريق لحل الأزمة أو هو كل الحل للأزمة.. وهذا كلام غير صحيح.. نحن لا نقوم به لهذا السبب فعلاقة الإصلاح مع الأزمة علاقة محدودة وفي البداية كان لها دور أكبر عندما قررنا أن نقوم بعملية فرز ما بين من يدعي الإصلاح لأهداف تخريبية وبين من يريد الإصلاح فعلاً.. وهذا الفرز تم.. لماذا لا يوجد علاقة بينهما.. وهذه الرؤية هي رؤيتي منذ البداية.. ولكن لم يكن من السهل الحديث فيها كما قلت في البداية لأن الأمور لم تكن واضحة بالنسبة للكثير من السوريين كما هي واضحة الآن.

وتساءل الرئيس الأسد .. ما هي العلاقة بين العملية الإصلاحية والمخطط الخارجي.. وإذا قمنا اليوم بالإصلاح هل ستتوقف المخططات الخارجية تجاه سورية.. أنا أريد أن أقول لكم شيئاً.. نحن نعرف الكثير من الحوارات التي تدور في الخارج وخاصة في الغرب حول الوضع في سورية.. لا أحد من هؤلاء يهتم لا بعدد الضحايا ولا بالإصلاحات ولا ما سيأتي ولا ما تم إنجازه.. الكل يتحدث عن سياسة سورية وهل تغير سلوك سورية من بداية الأزمة حتى هذا اليوم.

الجزء الخارجي من المخطط هو ضد الإصلاح الذي سيجعل سورية أقوى

وقال الرئيس الأسد.. من جانب آخر هناك من أتى لكي يساوم.. أي لو قمتم بواحد واثنين وثلاثة وأربعة... فالأزمة على الأقل في جزئها الخارجي وأذياله الداخلية ستتوقف فوراً.. إذا.. لا علاقة بين الإصلاح والجزء الخارجي لان هذا الجزء من المخطط هو ضد الإصلاح الذي سيجعل سورية أقوى.. وإذا كانت سورية أقوى فهذا يعني تكريس النهج السوري وكلنا نعلم أن النهج السوري غير مرغوب خارجيا بل مكروه من كثير من الدول التي تريد منا أن نكون عبارة عن إمعات.

وأضاف الرئيس الأسد .. النقطة الثانية تتجسد في طبيعة العلاقة بين الإصلاح والإرهاب.. فإذا قمنا بالإصلاح هل سيتوقف الإرهابي وهل هذا الإرهابي الذي يقتل ويخرب يسعى لقانون أحزاب أو لانتخابات أو لإدارة محلية أو ما شابه.. الإصلاح لا يعني الإرهابي ولا يهمه.. والإصلاح لن يمنع الإرهابي من القيام بإرهابه.. فإذا.. ما هو المكون الذي يعنينا.

وتابع الرئيس الأسد.. إن الجزء الأكبر من الشعب السوري هو الذي يريد الإصلاح وهو الذي لم يخرج ولم يخالف القانون ولم يخرب ولم يقتل.. والإصلاح بالنسبة لنا هو السياق الطبيعي لذلك أعلنا عنه على مراحل في العام 2000 وأنا تحدثت في خطاب القسم الاول عن التحديث والتطوير وكنت أركز في ذلك الوقت على مؤسسات الدولة.. وفي العام 2005 تحدثنا عن الإصلاح السياسي.. وجزء مما نقوم به الآن هو ما طرح في المؤتمر القطري في العام 2005 وفي ذلك الوقت لم تكن هناك ضغوطات على سورية في هذا الإطار وإنما كانت هناك ضغوطات مختلفة باتجاه آخر ولم يكن هناك من يتحدث عن موضوع الإصلاح الداخلي فطرحناه لأننا نعتقد بأنه سياق طبيعي وليس قسرياً.. لا يمكن أن يكون قسرياً وهو حاجة طبيعية للتطوير ولا يمكن أن نتطور من دون أن نقوم بعمليات إصلاح.. تأخرنا أم لم نتأخر هذا موضوع آخر.. لماذا تأخرنا موضوع آخر.. ولكن هو حاجة طبيعية ولو كان الإصلاح قسرياً أو جزءاً من الأزمة فسيفشل لذلك دعونا نفصل في حديثنا عن الإصلاح بين الحاجات الطبيعية وبين الأزمة.

وقال الرئيس الأسد.. إذا انطلقنا من الأزمة الحالية سيكون الإصلاح مبتوراً ومرتبطاً بالظروف الحالية المؤقتة.. أما بالنسبة للعقود المقبلة فالأمور تختلف وعلينا أن نربط ما قبل الأزمة بما بعد الأزمة بغض النظر عنها وننطلق من العملية الإصلاحية.. طبعا هذا الكلام ليس مطلقا ونحن نأخذ أحيانا بعين الاعتبار ما نمر به الآن في الإصلاح.. لا نفصله بشكل كامل كالجدول الزمني.. أحيانا نستعجل وأحيانا نفترض بأن رد فعل الناس بحاجة لتحرك باتجاه معين.. يعني يكون هناك بعض التأثيرات للأزمة ولكن لا نبني الإصلاح على الأزمة.. إذا بنيناه سنعطي المبرر للقوى الخارجية لكي تتدخل في أزمتنا تحت عنوان الإصلاح.. فلنتفق حول موضوع الفصل ونتعامل مع التفاصيل انطلاقاً من هذا الشيء.

وأضاف الرئيس الأسد.. طرحت في خطابي في هذه القاعة في حزيران الماضي خطة العمل وتحدثت بشكل أساسي حول المحور التشريعي بما يتعلق بالقوانين والدستور في ذلك الوقت ووضعت جدولاً زمنياً.. وبالنسبة للقوانين صدرت بأكملها تقريبا ضمن الجدول الزمني الذي حدد في ذلك الوقت.. الآن لو سمعنا من كثير من الناس حول هذا الموضوع سيقولون إننا لم نلمس نتائج وأنا أحب أن أتحدث دائما بشفافية حول المواضيع.. وكل موضوع على حدة.

وتابع الرئيس الأسد.. إن أول قانون أصدرناه هو رفع حالة الطوارئ.. وفي مثل هذه الظروف التي تمر فيها سورية هل يمكن لأي دولة الا أن تفرض حالة الطوارئ ومع ذلك لم نقم بهذا الشيء وأصررنا على رفع حالة الطوارئ.. والبعض من المواطنين السوريين اتهمنا بأننا نتنازل عن جزء من الأمن في سورية بسبب رفع حالة الطوارئ.. طبعاً هذا الكلام غير دقيق لأن رفع حالة الطوارئ أو حالة الطوارئ نفسها لا تعطي الأمن وإنما هي قضية تنظيمية.. وعندما يكون هناك حالة طوارئ يكون هناك إجراءات وعندما ترفع يكون هناك إجراءات مختلفة.. التنازل عن الأمن غير موجود.. لا يوجد دولة يمكن أن تقبل بالتنازل عن الأمن.

وقال الرئيس الأسد.. إن القوانين والإجراءات الموجودة حاليا تعطينا كامل الصلاحية لكي نقوم بعملية ضبط الأمن بغض النظر عن قانون الطوارئ وإن رفع حالة الطوارئ بحاجة لتأهيل الأجهزة المعنية من الأمن والشرطة وغيرها التي تتعامل مع المواطن.. وكلنا يعلم أن هذه الأجهزة منتشرة في كل مكان في سورية والبعض منهم لم يأخذ إجازات ولم ير عائلاته منذ أشهر فهل من المعقول والمنطقي والواقعي أن نقوم بتأهيله.. هذا الكلام مستحيل.. لن يكون هناك تأهيل في الظروف الحالية.. ومع ذلك نحن نصر على الأجهزة بأن يتم التأكيد على بعض الأساسيات من الأنظمة المتعلقة برفع حالة الطوارئ.

وتابع الرئيس الاسد.. عندما يكون هناك بيئة تخريب وقتل وفوضى وخرق للقانون وإذا كان هناك أخطاء فسوف تتضاعف مئات المرات وليس عشرات المرات لذلك علينا أن نتعامل ليس فقط مع النتائج وإنما أيضا مع الأسباب.. والنتائج هي الأخطاء التي نراها من قبل البعض ولكن الأسباب مرتبطة بالفوضى في حد ذاتها.. فعلينا أن نعمل من أجل ضبط الفوضى وبمعنى آخر لا يمكن أن نشعر بالنتائج الفعلية لرفع حالة الطوارئ في ظل الفوضى.. وطبعا هنا أنا أفرق بين الأخطاء بمختلف مستوياتها والقتل.

لا يوجد أي أمر في أي مستوى من مستويات الدولة بإطلاق النار على أي مواطن

وأضاف الرئيس الأسد.. أولا.. لا يوجد غطاء لأحد.. موضوع القتل بحاجة الى أدلة.. البعض يعتقد أنه لم يتم إلقاء القبض على أي شخص ممن ارتكبوا أعمال قتل.. وأنا أقصد العاملين في الدولة.. وهذا الكلام غير صحيح حيث تم إلقاء القبض على عدد محدود في جرائم قتل وغيرها ولكن أقول محدودا لأن الأدلة المتوفرة بحد ذاتها كانت محدودة ومربوطة بهؤلاء الأشخاص.. ووجود الأدلة أو البحث عنها بحاجة لمؤسسات والمؤسسات بحاجة لبيئة وظروف والبيئة الحالية تعيق عمل هذه المؤسسات.. لكن أؤكد بأنه لا يوجد غطاء لأحد وأؤكد مرة أخرى على أنه لا يوجد أي أمر في أي مستوى من مستويات الدولة بإطلاق النار على أي مواطن ولا يحق إطلاق النار بحسب القانون إلا دفاعا عن النفس ودفاعاً عن المواطن وعند الاشتباك مع شخص مسلح يحمل السلاح.. يعني هناك حالة محددة في القانون.. وأؤكد على التعامل مع الأسباب والنتائج في هذا الموضوع.

وقال الرئيس الأسد.. وفيما يخص الأحزاب فقد صدر قانون الأحزاب وتقدمت أحزاب وأعطي الترخيص لأول حزب منذ أسابيع قليلة وهناك حزب ثانٍ على الطريق بعد أن توفرت فيه كل الشروط وهناك عدة أحزاب أخرى.. يعني تنتظر الجهة المعنية استكمال الأوراق أو الشروط المطلوبة لكي تعطي الترخيص.. ونحن لم نشعر بالأحزاب لأنها بحاجة إلى وقت.. ولكن بكل الأحوال بعد أن صدر قانون الأحزاب ونحن نقوم ليس بإعطاء الرخص فقط بل بتشجيع جهات كثيرة على أن تقدم من أجل أن يكون لديها أحزاب.. ولا أعتقد أن الدولة تتحمل المسؤولية في هذا المجال فنحن لن نقوم بتشكيل أحزاب أو بالظهور على الإعلام أو ممارسة نشاطات نيابة عن أي أحد فإذا.. لا توجد عقبات في هذا الموضوع والقضية قضية زمن.

وتابع الرئيس الأسد.. أما بالنسبة للإدارة المحلية فقد صدر القانون وحصلت الانتخابات في ظروف صعبة جداً ومن الطبيعي ألا تعطي النتائج المتوقعة بسبب الظروف الأمنية لأن المشاركة لم تكن بالنسبة للمرشحين أو الناخبين كما كان يفترض مع قانون جديد.. وكان هناك وجهة نظر تقول.. علينا أن نؤجل انتخابات الإدارة المحلية لمرحلة لاحقة.. وكان هناك وجهة نظر مختلفة وهو ما تبنيناه من أجل أن نقوم بعملية تبديل لأن أي تبديل سيكون إيجابياً وخاصة ان كثيرا من شكاوى المواطنين كانت حول أداء الإدارة المحلية ولذلك سرنا في هذا الموضوع ولكن بكل الأحوال كل ما يتعلق بالانتخابات لا يمكن أن يعطي نتائج إن لم يكن هناك مشاركة واسعة في الترشيح والتصويت لكي يكون هناك منافسة.. وإن لم يكن هناك منافسة لن تشعروا بهذا الموضوع وبالتالي ما يتعلق بالانتخابات بحاجة الى جزء من المسؤولية يحمله المواطن وليس فقط الدولة.

وأضاف الرئيس الأسد.. بالنسبة لقانون الإعلام فقد انتهت الحكومة الأسبوع الماضي من إعداد تعليماته التنفيذية وأصبح جاهزا للتنفيذ وهناك طلبات جاهزة لمحطات تلفزيونية وصحافة وغيرها.. أما قانون الانتخابات فقد صدر والهدف منه تأطير كل هذه الأفكار التي نسمعها على الساحة السياسية ومن لديه فكرة فليذهب إلى صندوق الانتخاب وهو الفيصل في كل شيء في هذا البلد.

وقال الرئيس الأسد.. إن القانون المهم هو قانون مكافحة الفساد وهو القانون الوحيد الذي تأخر لعدة أشهر لأنه قانون مهم جدا وفيه جوانب كثيرة جداً.. وأنا طلبت من الحكومة أن تدرسه بشكل واسع وبالتعاون مع مختلف الفعاليات والجهات وقد تم وضعه على الانترنت.. وكان هناك الكثير من المشاركات والأفكار المفيدة وقد انتهت الحكومة من دراسته وأرسل إلى رئاسة الجمهورية وأعيد مؤخراً إلى الحكومة.

وأضاف الرئيس الأسد.. إن قانون مكافحة الفساد قانون جيد وفيه نقاط مهمة جدا ولكن هناك نقطة تتعلق بهيئة التفتيش ففي القانون الحالي ألغيت هيئة التفتيش وحلت هيئة مكافحة الفساد مكانها ولكن قانون مكافحة الفساد يختص في قضايا الفساد فقط أي أنه يختص بقضية ضيقة غالبا هي ليست بقائمة للفساد وإنما التعامل مع الفساد بعد ظهوره بينما كانت هيئة التفتيش تأخذ مهام أوسع بما فيها تنظيم الإدارة ورفع مقترحات في مجال الإدارة ومراقبة عمل الدولة من الناحية الإدارية بالإضافة الى مكافحة الفساد.. ولذلك فإن إلغاء كل هذه المهام وربطها فقط بعنوان واحد هو الفساد شيء غير جيد وخاصة انه لا يمكن مكافحة الفساد بمعزل عن تنظيم الإدارة.

وتابع الرئيس الأسد.. لا يمكن أن نكافح الفساد لوحده لأن هذا خلل كبير عدا عن وجود نقاط أخرى وهناك مقترحات حول دمج هيئة التفتيش مع هيئة الرقابة المالية وهذا الموضوع ليس مهما فالأهم هو ما هي علاقة التفتيش مع هيئة مكافحة الفساد.. وإذا كان هناك إلغاء لهيئة التفتيش فهل ستقوم هيئة مكافحة الفساد بضم كل المهام الموجودة في الهيئتين أم تبقى هناك هيئتان وتأخذ كل واحدة مهام مختلفة أم يكون هناك تنسيق بينهما في موضوع الفساد.. ولذلك تمت إعادة هذا القانون للحكومة لحل هذه النقطة وبعدها سيتم إصدار قانون مكافحة الفساد.

وقال الرئيس الأسد.. لو صدر هذا القانون بأفضل الأحوال سيكون من السهل على الدولة مكافحة الفساد على المستوى المتوسط فما فوق.. ولكن من الصعب عليها أن تكافحه من مستوى ما دون متوسط من دون مساهمة المواطن والإعلام.. وهذا يعني أنه حتى هذه الهيئة لن تقوم هي بالملاحقة وانما ستتلقى المعلومات فعلينا أن نبحث عن المعلومات ونحولها إلى هذه الجهات وهذا يعني أن نجاح هذا القانون بحاجة الى وعي شعبي كبير.

وتابع الرئيس الأسد.. في إطار موضوع الفساد هناك كثير من الناس الذين ألتقي بهم يأتون إلي ويقولون نريد من الرئيس أن يحاسب.. وهنا أريد أن أوضح أن الرئيس لا يحل محل مؤسسات.. أنا أعالج قضية وقضيتين عندما أرى خطأ.. ولكن المؤسسة تحاسب الافا أو تعالج آلاف القضايا وعندما يحل الرئيس محل المؤسسات ولو كان يقوم بعمل صحيح هذا ليس مطمئناً ولذلك يجب علينا العمل من أجل تفعيل المؤسسات.

وأضاف الرئيس الأسد.. أنا أقول لجميع

اضافة تعليق