حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

تقارب روسي صيني .. يفزع الولايات المتحدة الأمريكية ...

شهدت العاصمة الروسية موسكو في منتصف شهر أغسطس (آب) الحالي، بين مسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين الروسي والصيني، وذلك في إطار الجولة الأحدث للمشاورات الأمنية التي تجريها البلدان من أجل الوقوف على صيغة  لتوطيد التعاون في المجالات المتعلقة بالأمن بين البلدين.

ونص الاتفاق بين البلدين على آليات التشاور الأمني الاستراتيجي الثنائي  وتوحيد صفوفهما ومواقفهما في العديد من القضايا العالقة في مناطق مختلفة من العالم، مثل الصراع في شبه الجزيرة الكورية، والصراعات في الشرق الأوسط، وكذلك قضية أمريكا المؤرقة: النشاط النووي الإيراني وذلك حسب ما صرح به عضو المكتب السياسي للجنة المركزية في الحزب الشيوعي الصيني يانج جيتشي .

الولايات المتحدة لا تخفي خوفها ...

ازدادت المخاوف الأمريكية بعد إعلان  الجانب الروسي أن الصين سوف تؤدي دورًا فعالًا في عمليات تزويد بعض الشركات الكبرى في روسيا بما تحتاجه للتغلب على الصعوبات الكبيرة، التي خلفتها العقوبات التي وقعتها الولايات المتحدة على روسيا في الآونة الأخيرة , العقوبات التي  فتحت باباً لروسيا لتكوين علاقات شراكة واتحاد مع جارتها الصين , الأخيرة بدورها أيضا تخوض حرباً تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصةً مع تولي الرئيس الحالي دونالد ترامب رئاسة البيت الأبيض .

فيما صرحت مساعدة وزير الدفاع لمجالات البحث والهندسة، ماري ميلر بعد أيام من اجتماع الجانبان الروسي والصيني أن الولايات المتحدة الأمريكية عازمة على ضخ استثمارات هائلة في مجالات تكنولوجية عدة، وذلك في إطار السباق التكنولوجي الذي تخوضه الولايات المتحدة مع منافستيها الصين وروسيا وتشمل هذه الاستثمارات مجالات مثل أسلحة الطاقة الموجهة، والذكاء الاصطناعي، والعلوم الكمية، والجيل الأحدث من وسائل الاتصالات. ومن المنظور الهندسي، فإن أسلحة الطاقة الموجهة؛ هي تلك الأسلحة التي تستخدم أشعة كثيفة من الطاقة تقوم بتوجيهها لتدمير هدف معين، وبحسب تصريحات ماري فإن هذه الأسلحة سوف تُدمج مع الطائرات والسفن والدبابات وحتى المجسمات الفضائية، وسوف تنفق الحكومة الأمريكية ما يوازي 661 مليون دولار على هذه المجالات في السنة المالية الحالية، على أن يزيد هذا الرقم ليصل إلى 2.28 مليار دولار بين عامي 2019 و 2023

 

 عدو عدونا .. صديقنا ... لعبة دبلوماسية صينية ...  

يرى محللون أن فوز ترامب برئاسة البيت الأبيض هي  النقطة التي تحولت فيها الإدارة الأمريكية من النظر إلى الصين باعتبارها قوة كبيرة يمكن دمجها في النظام الاقتصادي العالمي وفق أسس تعاون واضح المعالم، إلى النظر إليها على أنها عدو اقتصادي يجب الوقوف أمامه، وتعجيزه بكل السبل الممكنة، بل والعودة بالعلاقات الصينية الأمريكية إلى حقبة تناطح القوى الكبرى في القرن العشرين. هذه البداية غير المبشرة لسياسات الرئيس ترامب دعمت نوايا كانت موجودة دائمًا، لكنها فقط تنتظر البرهان لدى الصينيين بأن الولايات المتحدة لا تريد للصين أن تصبح قوية كفاية لأن تتحكم، ولو تحكمًا جزئيًّا، في عملية صناعة القرار العالمي

ومع تأكد الصين من الوصول إلى نقطة اللاعودة مع إدارة ترامب، بدأت الصين في التركيز على إثبات الحضور الطاغي في الكثير من المواقع والقضايا، أهمها التحركات التي أصبحت متسارعة ومستمرة في بحر الصين الجنوبي؛ مما حذا بالولايات المتحدة للرد على هذه التحركات بجعل حركتها الملاحية وعملياتها البحرية في جزر سبراتلي أكثر روتينية؛ إذ أخذت في القيام بعملية واحدة بشكل شبه شهري منذ أوائل عام 2017

 

أزمات دبلوماسية تتصاعد

نددت الحكومة الأمريكية بإعلان الصين تدشينها لتكنولوجيا التشويش   على الرادارات في موقعين بجزر سبراتلي، والتي رأت فيها الولايات المتحدة تطبيقات حربية واضحة وصريحة. فيما أعقبت الصين هذه الحرب الكلامية بتحركات دبلوماسية من شأنها زيادة قلق الإدارة الأمريكية، مثل إعلان وزير الدفاع الصيني التقارب الموسع مع موسكو، مؤكدًا للأمريكيين العلاقات القوية التي تجمع البلدين في ما يخص التعاون الحربي، وحرص الصين على دعم موسكو بشأن العقوبات الموقعة عليها من إدارة ترامب.

إذ سعت الصين في ظل هذه التوترات لإعلان وجودها في الأزمة التي تواجه الولايات المتحدة وإدارة ترامب مع الرئيس الكوري الجنوبي بشأن النشاطات النووية للأخيرة، فقد استقبل الرئيس الصيني شي جين بينج نظيره الكوري الشمالي في بكين. وقد ظهرت الرسائل التي تريد الصين بثها للإدارة الأمريكية جلية؛ فالصين ستكون في منتصف طاولة مفاوضات أحد أهم القضايا التي تؤرق الإدارات الأمريكية المتتابعة. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الآخر لم يتأخر في الرد على هذه التحركات، بعد أن وقع قانونًا مع تايوان يشجع التبادل الديبلوماسي المكثف بين البلدين على جزيرة تايوان. لترد الصين على هذا القانون باعتباره اختراقًا واضحًا لسياسة الصين الموحدة (One-China policy)، وهو الإطار الذي حفظ السلام في مضيق تايوان سبعة عقود، والذي ينص على وجود تايوان والصين تحت سيادة دولة واحدة رغم وجود حكومتين منفصلتين.

إلى أين ينتهي الصراع؟

 

 

ليست الطاقة النووية هي المجال الوحيد الذي تفوقت فيه الصين على كل دول العالم، فاستثمارات الصين في مجال الطاقة المتجددة هي الأكبر من بين كل دول العالم، بإنتاجها أكثر من 40% من الطاقة الكهروضوئية في العالم، وهي موطن لثلاثة من أكبر 10 مصنعين لتوربينات الرياح في العالم، وخمسة من أكبر شركات صناعة الخلايا الشمسية لإنتاج الطاقة الكهروضوئية القائمة على منتجات السيليكون في العالم.

روسيا لا تقف موقف المتفرج في هذا السباق الكبير، فقد أعلنت تطوير فئة جديدة من الطائرات القادرة على اختراق سرعة الصوت (Avangard)، والتي يمكنها حمل قذائف تقليدية إضافة إلى قذائف نووية، وهي منيعة أمام أي نظام دفاع جوي موجود حاليًا، وكان الرئيس الروسي قد أعلن هذه الفرقاطة مع مجموعة من الأسلحة الثورية الأخرى في آذار الماضي.

 

الإدارة الأمريكية تدرك حجم المخاطر التي يمكن أن يخلفها هذا التسارع في القدرات التكنولوجية والحربية لمنافستيها: الصين وروسيا، وقد أظهر البنتاجون الأمريكي حرص الإدارة الأمريكية على مجاراة هذا التنافس بزيادة الاستثمارات في التطوير والأبحاث، لتصل إلى 71 مليار دولار العام الماضي مع إجمالي موازنة عسكرية عملاقة تبلغ 615 مليار دولار.

الكثير من هذه الاستثمارات ستذهب إلى مجالات حديثة مثل: الطباعة ثلاثية الأبعاد، والحرب الإلكترونية، والحرب الفضائية، وأنظمة الملاحة المتقدمة. والتي تأمل الولايات المتحدة أن تكون هذه الخطط العملاقة في الاستثمارات التكنولوجية والحربية ضمانًا كافيًا للبقاء متفوقة على نظيرتيها روسيا والصين، فيما تستمر الصين وروسيا في التعاون المشترك، والصعود المتدرج والمتسارع نحو البقاء على حافة المنافسة.

 

اضافة تعليق