حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

لماذا أصبح تحرير إدلب أمرا واقعاً؟

لم يعد موضوع تحرير إدلب ومحيطها من الإرهابيين أمراً خاضعاً للنقاش او للدراسة او للتكهنات او للتأويلات، فالمحافظة السورية الأكثر احتضاناً للمجموعات الإرهابية دخلت في طريق  التحرير، واكتماله امراً واقعاً لا ينتظر إلاّ السيناريو الأنسب لإخراجه، الأنسب لمصلحة وسيادة الدولة والجيش العربي السوري، وليس لمصلحة شيء آخر بتاتا.

 

طبعاً، هذا الاستنتاج اليوم يفرض نفسه بموضوعية وبواقعية كاملة، وليس بتاتاً إنطلاقاً من توجهات أو تمنيات أو أحلام أو مزايدات، إنه يفرض نفسه استناداً لمعطيات ثبّتها الجيش العربي السوري مدعوماً من حلفائه، خلال كامل فترة الحرب الكونية التي شنت على سوريا، وذلك تبعاً لمسار طويل وشاق ومضنٍ، من العمل والجهد والتضحية والصمود والإصرار والثبات، ولينتهي دائماً بالوصول إلى الانتصار وتحرير الأرض، موقعاً وراء الآخر، ومدينة وراء الأخرى ومحافظة وراء الأخرى.

 

ليس صحيحاً كما هو شائع حالياً لدى الكثيرين من المحللين، إن الورطة التركية، الديبلوماسية والاقتصادية، سوف تدفعها لعدم معاكسة أو تأخير تنفيذ الاتفاق مع ايران وروسيا ، والقاضي بضرب المجموعات الإرهابية في إدلب وفصلها عن المعتدلة، وبأنها سترضخ للقرار السوري بتحرير إدلب، فربما هذه الورطة تدفعها للتشدد أكثر بهدف الحصول على مكاسب أصبحت تحتاجها بقوة.

 

وليس صحيحاً أيضاً أنه يمكن الاستنتاج من تصريحات الأميركيين وخاصة جون بولتون ( مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي) بأنهم يوافقون “ضمنيا” على عمل عسكري في ادلب، وذلك حين لم يعترضوا على هذا العمل العسكري المرتقب علنا وصراحة، كما حدث سابقا في الجنوب السوري، وهم فقط لم ينسوا أن يُذَكِّروا بتحذيرهم “النموذجي” المعتمد دائماً: “عدم استعمال الأسلحة الكيمياوية”، لأن الاميركيين لم يعمدوا في أي مرة إلى الإعلان صراحة عن رغباتهم او مواقفهم الحقيقية، بل طالما راوغوا وخادعوا و ناوروا، وأساساً لم يكن الجيش العربي السوري ينتظر الرغبة الاميركية فيما خص تحرير أو التريث بتحرير المناطق السورية.

 

وليس كافياً الاستنتاج من المعطيات الدبلوماسية الكثيرة التي تؤكد القرار الروسي الحاسم، حول نزع ورقة الإرهاب نهائياً من الاميركيين على الساحة السورية، والقاضي حتماً بإفساح المجال دون ضغوط خارجية او داخلية إرهابية، للمجموعات المعتدلة  للسير نحو التسوية والتفاوض مع الدولة السورية، بغية التوصل إلى حل سلمي مناسب لسيادة الدولة وللمكونات المختلفة، لأن هذا كان دائماً هو حقيقة الموقف الروسي، وليس هو موقف مستجد أو طارىء …

 

الواقع هو ليس أبداً في المعطيات والتحليلات التي ذُكِرت أعلاه ، فالأميركيون والأتراك يفتشون عن مخرج يحفظ ماء وجههم بعد فشلهم في إيجاد طريقة تعيق الجيش العربي السوري عن تحرير ادلب، وربما الروس في مكان ما، يتبنون القرار الذي صدر كأمر واقع  بعد أن التمسوا نتيجته مسبقاً…

 

الواقع هو ان الجيش العربي السوري أصبح يملك (مع حلفائه) من القدرة العسكرية والإمكانية الميدانية، ما لا يمكن لأي مجموعة إرهابية مهما كانت قوية ومدعومة ان تقف في وجهه، وهذه القدرات تضاف إلى قدرة ثابتة لم تتغير عنده بل كانت تزداد مع شهدائه الذين يسقطون يوما بعد يوم، في الإصرار والالتزام بالمعركة المقدسة ضد الإرهاب (بدوله أو بمجموعاته).

 

الواقع أيضاً هو أن معركة تحرير إدلب لا تشكل، رغم تعقيداتها، مشكلة أمام مناورة الجيش المرتقبة، لأنها شبه منتهية عسكرياً بعد فصل مناطقها عن بعضها ميدانياً، والتي هي بطبيعة الحال مفصولة بفصائلها المتباعدة، كما أن خارطة توزيع وانتشار الطرق الرئيسية (الدولية او المحلية) في ادلب وما تبقى من ارياف المحافظات الحدودية مع إدلب، والتي هي غير محررة، تسمح بتقسيم طبيعي وفرز مستقل لتلك المناطق، ومن ثم محاصرتها تباعا وتحريرها، مع الإمكانية الواسعة عبر تلك الطرق المذكورة، لتنفيذ إخلاء آمن لمن يريد من المدنيين جنوبا نحو حماه، او شرقا نحو حلب، او غربا نحو مدن وبلدات الساحل، وذلك بعيدا عن نقاط المراقبة التركية، وعن مسرح العمليات ومحاور المواجهة والاشتباكات.

 

ويبقى الواقع الأهم من ذلك كله، أن قرار الرئيس الأسد الثابت، منذ بداية الأزمة السورية وحتى اليوم، والقاضي بتحرير جميع الجغرافيا السورية من الإرهاب، تفاوضاً أو عبر الحسم العسكري، يحمل من المصداقية ومن الثقة ومن السوابق الدامغة، ما يكفي لاعتبار أن تحرير إدلب ومحيطها أصبح أمراً واقعاً لا محال، وأن العمل يجري حالياً على مناورة ما بعد إدلب، والتي ستكون نحو الشرق حتما، وبنفس المعادلة: “تفاوضاً أو عبر الحسم العسكري”.

شارل أبي نادر

العهد

اضافة تعليق